ثلاث قراءات لإيران ما بـعــــد «النـــووي»

ثلاث قراءات لإيران ما بـعــــد «النـــووي»

المغرب الرياضي  -

ثلاث قراءات لإيران ما بـعــــد «النـــووي»

عريب الرنتاوي


تختلف تقديرات المراقبين بخصوص الوجهة التي ستسلكها إيران بعد التوقيع على اتفاق بشأن برنامجها النووي مع المجتمع الدولي ممثلاً بمجموعة “5 + 1” ... إحدى القراءات تقول: إن طهران ستوظف انفتاحها على الغرب تحديداً لتوسيع دوائر نفوذها الإقليمي، والمضي في سياسة “تصدير الثورة والمقاومة والتشيّع” ... قراءة أخرى تقترح أن طهران ستكون معنية بتعظيم “البيزنيس” مع الغرب، وبما يخدم هدف ترميم اقتصادها المنهك بالعقوبات والحصار، وأن حسابات “البيزنيس” لا تنسجم بالضرورة مع منطق “تصدير الثورة والمقاومة”... قراءة ثالثة تقول، إن مرحلة انتقالية، طويلة نسبياً ستمر قبل أن تنجلي غبار المعارك بين التيارات الإيرانية المختلفة، التي يدفع كل منها باتجاه مغاير عن الآخر، ومن الصعب الحكم من الآن، على الوجهة التي ستسلكها طهران مستقبلاً.
دول “عاصفة الحزم”، تنتمي في معظمها إلى المدرسة الأولى في التفكير ... تخشى القنبلة النووية الإيرانية لخشيتها من المظلة التي ستوفرها لدور طهران الإقليمي ... تخشى الاتفاق النووي الذي يبعد إيران عن القنبلة، لخشيتها من تنامي الاقتدار الاقتصادي والمالي لإيران، واستتباعاً توسيع دورها الإقليمي ... لهذا عارضت البرنامج والقنبلة والاتفاق، وسارعت إلى شن حرب غير مسبوقة ضد اليمن، من أجل “قصقصة” أجنحة النفوذ الإقليمي لطهران، أو على أقل تقدير، بأمل تحقيق بعض من التوازن في علاقات القوى الإقليمية.
نحن من جهتنا نقرأ من صفحة أخرى، غير صفحة “عاصفة الحزم” ... نرى أن توقيع إيران على الاتفاق النووي، من شأنه في المقام الأول، أن يعزز من نفوذ تيارات الإصلاح والاعتدال داخل مؤسسات الدولة والمجتمع في إيران ... وسيرتب التزاماً إيرانياً بإقامة علاقات دولية، واستتباعاً إقليمية، أكثر اتزاناً وتوازناً ... وسيخرج المجتمع الإيراني من قبضة “التهديد الخارجي” ليتفرغ هذا المجتمع لمعالجة مشكلاته الداخلية، بما فيها مسألة الديمقراطية الداخلية ومنظومة حقوق الإنسان وحفظ التعدد والتنوع السياسي والفكري والاجتماعي، في بلد ثري بمكوناته المختلفة، ويستند إلى إرث عميق من الحيوية المجتمعية.
وقد يُسجل التاريخ أن الشيخ حسن روحاني، لعب في إيران، ذات الدور الذي سبق لميخائيل غورباتشوف أن لعبه كآخر زعيم سوفياتي حين نهض بشعاري الغلاسنوست والبيريسترويكا، مع فارق التجربة والسياق والظروف ... وبدل أن تكون الثورة الإسلامية في 1979 “أول ربيع” في المنطقة، فقد تكون إيران مقبلة على “ربيع” آخر، ربيع الفكاك من “ولاية الفقيه” وولوج عتبات الدمقرطة الحقيقية للدولة ونظام الحكم والمجتمع، ومن دون حاجة لنظرية “الفك والتركيب” التي عملت تفتيتاً وتقسيما في المجتمعات والدول العربية، من دون إسقاط سيناريو كهذا، حتى في الحالة الإيرانية.
في المدى المباشر، اللاحق لتوقيع الاتفاق، لن تكون التغييرات الكبرى في إيران منظورة أو متوقعة ... إيران ستنهمك في توسيع شبكات تعاونها وتبادل الاقتصادي والتجاري مع العالم الخارجي بعد سنوات طوال من القطع والقطيعة ... لكن في غياب “العدو الخارجي”، ستتفرغ النخب الإيرانية الصلبة، لمقارعة نظام لا يمكن وصفه بالديمقراطية، في لحظة تاريخية فارقة، لم يبق فيها شعب واحد على وجه هذه البسيطة، راضياً وقانعاً بنظم استبدادية، دينية كانت أم قومية أو يسارية، عسكرية فجة كانت أم عسكرية متدثرة بلبوس مدني ... هذه سنة الحياة ووجهة التاريخ، وإن طال الانتظار.
لكن إشعال حروب مذهبية، وجعل إيران في صدارة لائحة الأعداء والتهديدات، من شأنه أن يطيل في أمد التحول والانتقال السياسي في إيران ... في هذا السياق، تأتي “عاصفة الحزم” لتغذي قوى التشدد والتطرف في الدولة والمجتمع الإيرانيين، ولتضعف قوى الإصلاح والتحديث والعصرنة ... ولأنها عاصفة مذهبية بامتياز، لا تستثني القاعدة والنصرة والأصولية الدينية من لائحة الحلفاء والشركاء المحتملين في هذه الحرب، فإنها بلا شك، ستعطي إيران فرصة لتسويق خطابها على نطاق أوسع، بل ولجذب التأييد والتعاطف الغربيين معها، بوصفها الجهة المؤهلة دون غيرها، لمقارعة خطر الإرهاب والتطرف والغلو، السنّي بصفة عامة.
والحقيقة أن الذين يخشون إيران – المذهب، ويتخذون مواقف مذهبية متشدد ضد الشيعة في بلدانهم وفي الإقليم، لأسباب محض مذهبية، هم أنفسهم الذين يخشون سيناريو انتقال إيران للعصر الديمقراطي ... فالديمقراطية بالنسبة لهؤلاء تهديد أشد فتكاً من “التطرف الإسلامي والمذهبي”، ولهذا ناصبوا ثورات الربيع العربي أشد العداء، واعتبروها تحديا وتهديدا لا فرصة للخروج من قبضة الفساد والاستبداد .
على الضفة المقابلة، لا نجد معنى حقيقياً، في “الاستقبال الاحتفالي” الذي قوبل به اتفاق المبادئ في لوزان من قبل أركان محور “المقاومة والممانعة” ... صحيح أن إيران خرجت بصفقة رابح – رابح في ذاك الاتفاق، وأنها ستتوفر على فرص ومقدرات ضخمة في حال الوصول إلى الاتفاق النهائي في أواخر حزيران / يونيو القادم ... لكن الصحيح كذلك، أن إيران القوية المقبلة، قد لا تكون إيران “المقاومة والممانعة”، قد لا تكون “إيران – الثورة”، بل ربما سيفاجئ القوم بإيران السائرة على طريق “الدولة”، إيران الساعية للتجارة و”البيزنيس” مع الغرب، وعندها قد يكون وقع المفاجأة كارثياً على أصدقاء إيران وخصومها في المنطقة، سواء بسواء.

GMT 08:06 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

طوق النجاة لمباحثات الخرطوم

GMT 08:03 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

من قراءات الأسبوع

GMT 07:46 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 07:44 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

عيون وآذان (محمد بن زايد يعرف مصالح الإمارات)

GMT 07:42 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

قراءة نيابية في الموازنة قبل المجلس الدستوري

GMT 07:40 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

الإيماءات الدبلوماسية لن تحل المشكلة الإيرانية

GMT 07:38 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إرهاب إسرائيلي يؤيده ترامب)

GMT 07:36 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

سعد الحريري ورفض الأمر الواقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثلاث قراءات لإيران ما بـعــــد «النـــووي» ثلاث قراءات لإيران ما بـعــــد «النـــووي»



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 20:35 2018 السبت ,14 تموز / يوليو

4 ساعات جوا في رحلة الوداد إلى كوناكري

GMT 20:23 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

معلومات مهمة لعشاق رونار

GMT 10:49 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

عطب إداري

GMT 10:33 2017 الإثنين ,10 إبريل / نيسان

عين العدل

GMT 15:48 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

مدرب ليستر سيتى يشيد بالجزائري رياض محرز

GMT 09:13 2017 الأربعاء ,12 إبريل / نيسان

برامج الطبخ بين الفائدة والتسلية

GMT 11:29 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

أسود هولندا وحراك الريف

GMT 14:42 2019 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

عموتة يرخص للاعبي بركان بمغادرة تجمع المحليين

GMT 00:42 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أمبارك بوصوفة يهدي تأهل المغرب لمونديال روسيا للجماهير
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib