«زمن التسويات الكبرى»

«زمن التسويات الكبرى»

المغرب الرياضي  -

«زمن التسويات الكبرى»

عريب الرنتاوي

يبدو أن لحظة “التسويات الكبرى” في المنطقة، قد أزفت، وها هي إرهاصاتها تطل برأسها من تحت الخرائب والأنقاض والأشلاء البشرية، في كل من اليمن وسوريا وليبيا والعراق .... وليس صدفة على الإطلاق، أن يُعلَنَ من تونس عن اتفاق الأطراف الليبية المحتربة على مبادئ الحل السياسي، تزامناً مع إعلان من عدن وصنعاء عن قرب استئناف “مسار جنيف” لحل الأزمة اليمنية (منتصف الشهر الجاري)، وأن تسابق مختلف الأطراف الزمن، لترتيب وفد المعارضة السورية الذي سيلتقي وفد النظام، والفصل بين أبيض قوائم الفصائل المسلحة السورية وأسودها، استعداداً لاستكمال ما بدأته فيينا وتواصله نيويورك بعد شهرٍ أو أقل قليلاً.
لا يعني ذلك للحظة واحدة، أن الحروب المندلعة في هذا الإقليم وعليه، ستضع أوزارها فوراً، وأن المدافع ستصمت في توقيت متزامن ووشيك .... فالعقبات والعراقيل والتحديات، ما زالت تفترش طرق الحلول السياسية، وتتسبب في انتكاسات وخيبات أمل ... بيد أن الملاحظة التي لا تخطؤها عين المراقب، تقول إن مختلف الأطراف تستشعر خطر استمرار هذه الحروب وتمددها واتساع نطاقاتها، وتستعجل البحث عن حلول سياسية لتفادي “الاستنزاف” والأعباء الثقيلة التي لم تعد دول المنطقة وحدها، من ينوء بحملها، بل امتد تأثيرها ليطاول العالم بأسره. 
في ليبيا، اجتماعات لا تكل ولا تمل لدول الجوار الست، التي بدأت فعلياً الاكتواء بـ “شرارات” الحريق الليبي والتي تجد نفسها بين فكي كماش “القاعدة” و”داعش” من جهة و”بوكو حرام” من جهة ثانية... جنوب أوروبا في قلق بالغ، من الأنباء والتقارير التي تتحدث عن توجه “داعش” لاعتماد “سرت” بديلاً عن “الرقة”، كعاصمة انتقالية لدولة الخلافة، وسط ترجيحات بأن معركة استعادة الرقة، باتت وشيكة، وأنها مسألة وقت لا أكثر ولا أقل ... في مثل هذه الظروف، لن يكون مسموحاً للأطراف المتورطة في الأزمة الليبية، خصوصاً داعمي الجماعات الإسلامية المتشددة، الاستمرار في استخفافهم بمخاوف المجتمع الدولي وتهديدهم أمن الإقليم وأوروبا وسلامهما الداخلي. 
وفي اليمن، استنفذ التحالف العربي ، كل “المُهل” التي طلبها، على أمل إنجاز “الحسم والنصر المؤزر” على الحوثيين والرئيس المخلوع ... وبدل أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع قيل في البدء أنها مدة كافية لاستئصال الحوثيين أو دفعهم للاستسلام على الأقل، ها هي الحرب، تكاد تكمل عامها الأول، فيما المعارك الضارية ما زالت تدور في “تعز” و”مأرب” وما حولهما، أما “العاصمة المؤقتة” لمٌلك الرئيس الشرعي، غير السعيد، فهي ما زالت عصيّة على الاستقرار والهدوء، فيما “القاعدة” و”داعش” تثبتان يوماً إثر آخر، أنهما المؤهلتان وحدهما لملء فراغ الأمن والإدارة في جنوب اليمن من المكلا حتى التواهي، مروراً بأبين وغيرها، ما يعني أن بقاء الحال اليمني من المُحال، خصوصاً بعد اتساع جبهات القتال على أرض السعودية ذاتها وداخل حدودها. 
وفي سوريا، يتوالى انهمار التصريحات الغربية، التي تعطي الأولوية لقتال “داعش” على “الانتقال السياسي” للحكم في سوريا ... بعد استدارة جون كيري، جاءت استدارة لوران فابيوس، وقبلهما كانت هناك استدارات أوروبية عديدة، معلنة ومستترة، ودائماً تحت ضغوط جوهرية ثلاثة: الأول؛ ويتجلى في موجات اللجوء السوري الذي أغرق القارة العجوز، والثاني؛ ويتمثل في تفاقم خطر الإرهاب ونجاح خلاياه النائمة واليقظة و”ذئابه المنفردة” في إشاعة الخوف والرعب في الشوارع والمدن الأوروبيبة، من باريس وصولاً إلى سانت بيرناردينو في الولايات المتحدة، والثالث؛ وينحصر في المخاوف المتنامية من مغبة الانزلاق إلى حروب ومواجهات بين جيوش وأساطيل وطائرات الدول الكبرى والعظمى التي تحوّم في الأجواء السورية وتمخر عباب المتوسط، وتقترب من الجغرافية البرية السورية، وتذهب عميقاً في الجغرافية العراقية. 
جميع هذه التطورات بالغة الأهمية والتعقيد، تجعل حسابات بعض اللاعبين المحليين في هذه الأزمات، وبعض رعاتهم الإقليميين، تفاصيل ثانوية، قليلة الشأن والتأثير، وتدفع بعواصم العالم الكبرى للبحث عن حلول ومخارج، حتى وإن تطلب الأمر، لجم هذا الحليف، و”شد أذن” ذاك.
ولأن جميع أزمات المنطقة وحروبها المفتوحة، تجتذب اللاعبين الإقليميين والدوليين أنفسهم، ومن ورائهم نفس الحلفاء المحليين وامتداداتهم، فإن من المنطقي التفكير بـ “تلازم مسارات الحل والحرب” على هذه الجبهات الأربع: اليمن، ليبيا، سوريا والعراق ... ومن الطبيعي والحالة كهذه، أن ينعكس الانفراج أو التصعيد في ساحة من الساحات الأربع، على بقية الساحات والجبهات ... لا بل من الطبيعي، أن تأخذ المقايضات والتسويات، طابعاً إقليميا متبادلاً، يسمح لفريق بأن يدفع في هذه الساحة، نظير ما سيقبضه في ساحة أخرى، والأمر متروك للأولويات والحسابات الأمنية والسياسية والاقتصادية المُقررة لمواقف الأطراف، والمُحددة لمواقعهم في الحروب الدائرة في الإقليم وعليه. 
“زمن التسويات الكبرى”، يبدو أنه قد أزف، لكن الوصول إلى التسويات لا يعني تلقائياً استعادة الأمن والسلم الداخلي، فثمة أطراف، فاعلة على الأرض، ليست طرفاً فيها، بل هي هدف لها بالأساس، وهي بما تمتلك من عناصر القوة والاقتدار البشري والمالي والتسليحي، ستكون قادرة على “المقاومة” ربما لأشهر وسنوات قادمة، لكنها حرب اليائسين ومقاومتهم التي لا أفق لها ولا رجاء. 

 

GMT 08:06 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

طوق النجاة لمباحثات الخرطوم

GMT 08:03 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

من قراءات الأسبوع

GMT 07:46 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 07:44 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

عيون وآذان (محمد بن زايد يعرف مصالح الإمارات)

GMT 07:42 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

قراءة نيابية في الموازنة قبل المجلس الدستوري

GMT 07:40 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

الإيماءات الدبلوماسية لن تحل المشكلة الإيرانية

GMT 07:38 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إرهاب إسرائيلي يؤيده ترامب)

GMT 07:36 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

سعد الحريري ورفض الأمر الواقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«زمن التسويات الكبرى» «زمن التسويات الكبرى»



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 13:04 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

نابولي يتصدر الدوري الإيطالي بعد الفوز على إنتر ميلان

GMT 17:02 2025 الجمعة ,24 تشرين الأول / أكتوبر

صدمة جماهير برشلونة بغياب رافينيا قبل مواجهة ريال مدريد

GMT 22:22 2025 الإثنين ,20 تشرين الأول / أكتوبر

هاري كين يسجل الهدف رقم أربعمئة ويتجاوز المئة مع بايرن

GMT 18:11 2025 الجمعة ,24 تشرين الأول / أكتوبر

محكمة التحكيم الرياضي ترفض استئناف برشلونة ضد طرد فليك

GMT 01:19 2025 الأحد ,19 تشرين الأول / أكتوبر

صلاح بين ميسي ورونالدو في قائمة أعظم لاعبي كرة القدم

GMT 14:04 2025 الأربعاء ,19 شباط / فبراير

كينين تتأهل لدور الـ8 ببطولة دبي للتنس للسيدات

GMT 10:16 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

حاذر ارتكاب الأخطاء والوقوع ضحيّة بعض المغرضين

GMT 10:16 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 3

GMT 12:28 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الرجاء الرياضي يفوز على أولمبيك الدشيرة بهدف دون رد
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib