الموجة الثانية من ثورات «الربيع العربي»

الموجة الثانية من ثورات «الربيع العربي»

المغرب الرياضي  -

الموجة الثانية من ثورات «الربيع العربي»

بقلم - عريب الرنتاوي

أخذت الموجة الأولى من ثورات الربيع العربي التي اندلعت مختتم العام 2010، وأطاحت بنظامين متجذرين في تونس ومصر، قبل أن تتوقف في ليبيا وسوريا واليمن، نقول أخذت تلك الموجة المفاجئة التي اندلعت من دون استئذان، النظام العربي الرسمي على حين غرة، فشرعت حكوماته في بذل أقصى ما بوسعها من جهود وسخّرت كل ما لديها من أدوات، من أجل احتواء تداعياته، ووقف انتشاره، والانقلاب عليه، وحرفه عن وجهته، وتحويله من فرصة سانحة، إلى خطر وتهديد، ومن محفّز للشعوب الأخرى إلى مصدر قلق وخوف لها، يُبقيها على رتابتها بعيداً عن الشوارع والميادين ... وقف مفاعيل «مبدأ الدومينو» كان في صدارة أولويات النظام الرسمي العربي.
معظم، إن لم نقل جميع، النظم والحكومات العربية، نظرت للربيع العربي بوصفه تهديداً، وليس فرصة ... بيد أن استجاباتها لتحدياته جاءت مختلفة ... بعضها لجأ إلى «الصناديق السيادية» فأخرج منها ما يكفي لشراء صمت الشعوب وصوت نخبها الثقافية والسياسية ... بعضها أبدى استعدادا للتكيف، وإن إلى حين مع بعض مطالب الشوارع والميادين، فما أن انقشعت الموجة الثورية حتى «عادت ريما لعادتها القديمة» ... وما أن التقطت هذه الأنظمة والحكومات أنفاسها، حتى شرعت في تنظيم موجة من «الثورات المضادة» في دول بعيدة وقريبة، مستندة إلى اقتدارها المالي من جهة ووجود قواعد ارتكاز للدولة العميقة في البلدان المستهدفة من جهة ثالثة ... إن لم تفلح «العسكريتارية» في قيادة الثورة المضادة، فلا بأس من دعم الحركات السلفية التي لعب بعضها دور رأس الجسر في الانقضاض على ثورات الربيع العربي ومنع أشرعتها من الوصول إلى مرافئ الأمان وإتمام الانتقال إلى الديمقراطية.
الموجة الثانية، وبرغم طابعا المفاجئ أيضاً في الزمان والمكان، في الجزائر والسودان، وعلى نحو متزامن، لم تحدث «الصدمة» ذاتها في أوساط النظام العربي، بل ولم تنجح في تفعيل «مبدأ الدومينو»، لم تتردد أصوات المحتجين والثوار في الجزائر والخرطوم في العواصم والمدن العربية ... ظل الحدثان على «محليتهما» رغم الطابع المثير الذي ميز كل منهما ... وثمة حاجة لدراسة مغزى هذه الظاهرة ودلالاتها.
قد يقال أن الجزائر والسودان، ليستا دولاً محورية / مركزية في النظام العربي، الذي اعتاد أن يهتز على وقع ما يجري في مصر والعراق وسوريا ... والحقيقة أن تونس، الأقل تأثيراً في النظام العربي، هي التي أطلقت مفاعيل «مبدأ الدومينو»، وكانت مصر، الدولة العربية الأكبر، في موقع المتلقي لتداعيات الحدث التونسي، ولا أحسب أن للجزائر والسودان، الدولتين العربيتين الكبرتين، مكانة أقل من تونس في المنظومة العربية، فما السبب إذن والحالة كهذه؟
في ظني أن ثورتي الجزائر والسودان، جاءتا فيما الأنظمة العربية جميعها على أهبة الاستعداد وفي أتم الجاهزية للتعاطي مع تحديات، وهي تشعر بدرجة عالية من الثقة جرّاء نجاحاتها في إجهاض ثورات وتدمير مجتمعات ورفع كلفة الانتقال نحو الديمقراطية ... بل يمكن القول، إن بعض الدول العربية وجدت في لحظة الانتقال المقلقة التي مرّ بها العالم العربي، مدخلاً لتوسيع دورها الإقليمي وتعزيزه، فدول الأزمات المفتوحة باتت مسرحاً للتنافس على السيطرة والنفوذ وصراعات «الإخوة الأعداء».
والأكلاف الباهظة التي دفعتها شعوب دول كاليمن وسوريا وليبيا، وقبلها العراق مع اختلاف السياق، شكلت عامل إحباط وتثبيط لهمم الشعوب وعزائمها، ما أضعف قدرتها على الاستجابة للحدثين الجزائري والسوداني ... لقد جعلوا من تجربة الشعوب التي خرجت طلباً للحرية والكرامة ولقمة العيش، عبرة لمن اعتبر، ويبدو أن تكتيكهم قد نجح، جزئياً على الأقل، والأرجح إلى حين.
الحدثان الجزائري والسوداني، ينبئاننا بأن قطار الربيع العربي لم يطفئ محركاته بعد، وهو وإن توقف في بعض المحطات، لبعض الوقت، إلا أنه استأنف رحلاته بين العواصم العربية، والأرجح أنه سيمر بها، وسيتوقف فيها، لكن السؤال: متى وكيف هو الذي يتعين أن يشغل أذهان القادة والزعماء العرب، وما إذا كان بالإمكان جعل زيارته مرغوبة ومُرحبا بها وغير مكلفة، أم أنها ستكون ثقيلة بدرجات على النظم والشعوب سواء بسواء ... تلكم هي المعادلة، وتلكم هي المفاضلة، هذا ما أخبرتنا به شوارع الجزائر والخرطوم وميادينهما.

 

GMT 08:06 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

طوق النجاة لمباحثات الخرطوم

GMT 08:03 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

من قراءات الأسبوع

GMT 07:46 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 07:44 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

عيون وآذان (محمد بن زايد يعرف مصالح الإمارات)

GMT 07:42 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

قراءة نيابية في الموازنة قبل المجلس الدستوري

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الموجة الثانية من ثورات «الربيع العربي» الموجة الثانية من ثورات «الربيع العربي»



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  -

GMT 01:21 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أخطاء تقعين فيها عند ترتيب مطبخكِ عليكِ تجنّبها
المغرب الرياضي  - رفض دعاوى

GMT 20:35 2018 السبت ,14 تموز / يوليو

4 ساعات جوا في رحلة الوداد إلى كوناكري

GMT 20:23 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

معلومات مهمة لعشاق رونار

GMT 10:49 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

عطب إداري

GMT 10:33 2017 الإثنين ,10 إبريل / نيسان

عين العدل

GMT 15:48 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

مدرب ليستر سيتى يشيد بالجزائري رياض محرز

GMT 09:13 2017 الأربعاء ,12 إبريل / نيسان

برامج الطبخ بين الفائدة والتسلية

GMT 11:29 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

أسود هولندا وحراك الريف

GMT 14:42 2019 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

عموتة يرخص للاعبي بركان بمغادرة تجمع المحليين

GMT 00:42 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أمبارك بوصوفة يهدي تأهل المغرب لمونديال روسيا للجماهير

GMT 05:09 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

رضوان جيد حكما لمباراة الكوكب والفتح الرباطي

GMT 06:49 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

الغموض يلف مستقبل كوندي مع الفتح الرباطي

GMT 20:46 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

اتحاد طنجة يفرض التعادل على الجيش الملكي
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib