«أميركا أولاً»

«أميركا أولاً»

المغرب الرياضي  -

«أميركا أولاً»

بقلم : عريب الرنتاوي

خيّب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، آمال الكثيرين وأسقط رهاناتهم ... ترامب الرئيس لم يختلف عن تخلف المرشح ... خطاب القسم، الذي صيغ بعناية فائقة، وجمل قصيرة مباشرة، يسهل هضمها واستيعابها من قبل رجل الشارع الأميركي، لخص كل ما قاله الرجل في حملاته الانتخابية الصاخبة، ولم يحد عن أو يسقط أياً من شعارات حملته الانتخابية، التي يبدو – للغرابة – أنها ما زالت مستمرة، في لغته وخطاباته، وفي المظاهرات التي عمت واشنطن والمنتظر أن تنتشر اليوم في عدد من المدن الأمريكية.

“أميركا أولاً”، هو الشعار الذي يختصر “مبدأ ترامب” ... هذا لا يعني أن من سبقه من رؤساء، كانوا سخروا موارد بلادهم الضخمة لخدمة الآخرين ... “أميركا أولاً”، كان على الدوام، المحرك الرئيس للمواقف والسياسات والسلوكيات الأمريكية في العالم ... بيد أن هذا الشعار يحمل هذه المرة، مضامين “انعزالية”، “انكفائية”، “حمائية” تنطوي على قدر من “الشوفينية” المغلفة بـ “الوطنية” والقومية”.

“أميركا اولاً”، هو المعيار والحكم، في تقرير السياسات، كل السياسات، الداخلية والخارجية، من الهجرة والتجارة والضرائب والتبادلات على اختلافها، إلى السياسة الخارجية ... أميركا التي حمت حدود دول كثيرة في العالم، نسيت أن تحمي حدودها ... أميركا التي قادت دول في العالم نحو ضفاف الثراء والرفاه، تركت مواطنيها نهباً للبطالة والفقر والحاجة .... أميركا التي خاضت شتى الحروب دفاعاً عن حلفائها وأصدقائها، تركت حدودها بلا حماية، ومواطنيها بلا أفق أو مستقبل ... هكذا تحدث ترامب.

خطاب القسم، الذي توقع مراقبون أن يكون تصالحياً، عكس شخصية ترامب وروحه القتالية بدقة عالية، ويقال إنه هو من كتب الخطاب، بمساعدة محدودة من مستشاريه ... هاجم الجميع من دون استثناء، بمن فيهم أولئك الذين جلسوا على المنصة للاحتفال بتنصيبه، من رؤساء سابقين وطبقة سياسية في واشنطن، منفصلة تماماً عن الشعب الأمريكي، انتصاراتها ليست انتصاراته، ومكاسبها ليست مكاسبه ... هكذا أضاف ترامب.

لم تحضر السياسة الخارجية في خطابه إلا من بعض الزوايا الضيقة والمحدودة للغاية، وبإشارات مقتضبة للغاية ... سيقتلع “إرهاب الراديكاليين الإسلاميين عن وجه الأرض”، ولن يسعى في فرض “النموذج الأمريكي” على أحد، من أراد أن يهتدي بـ “القبس” الأمريكي، له ذلك، وبخلاف ذلك، لا تدخل لفرض منظومة قيم أو نمط حياة أو نظام سياسي بعينه.

أولوياته واضحة، وتكاد تنحصر في الداخل حصراً: التعليم، الصحة، البنية التحتية، الوظائف، النمو الاقتصادي، الطبقة الوسطى، ازدهار الأعمال، عودة الرساميل الأمريكية، العمالة الأميركية أولاً، الصناعة الأميركية أولاً ... بعدها، وعلى مسافة بعيدةـ، تأتي خيارات السياسة الخارجية وأولوياتها.

أميركا تتغير، وقد تتغير أكثر، وبأسرع مما نظن ويظن كثيرون ... وعلى أصدقائها، أكثر من خصومها أن يقلقوا ... على الذين استندوا إلى الذراع الأمريكية لحفظ أمنهم وتحصين حدودهم أن يقلقوا ... المهمة لن تكون سهلة بعد اليوم، ولن تكون بلا تكاليف باهظة في أحسن الأحوال ... على أوروبا أن تقلق، وعلى الناتو أن يعيد النظر بوظائفه وحساباته، وعلى اليابان وكوريا الجنوبية أن تقلقا كذلك، فزمن المظلة الدفاعية – النووية الأمريكية المضمونة، قد ذهب وقد لا يعود حتى إشعار آخر.... أما المعتدلون العرب، فعليهم أن يتحضروا لمواجهة واحد من خيارين لا ثالث لهما: انسحاب الغطاء الأمريكي بالكامل، أو بقائه بأعلى كلفة، أو بكلفة غير محتملة.

بعض خصوم واشنطن يتعين عليهم أن يقلقوا كذلك، وليس جميع خصومها ... الصين، ومن موقع الاقتصاد العالمي الثاني، عليها أن تقلق، زمن التبادلات التجارية المواتية قد ولّى، إيران عليها أن تقلق، فالثابت الوحيد في خطاباته وتصريحاته، هو العداء لإيران .... أما روسيا وبعض حلفائها في المنطقة والعالم، فعليهم الاسترخاء قليلاً ... زمن “السياسات التدخلية” الأمريكية، انتهى، أقله لسنوات أربع قادمة، إن ظل الرئيس في بيته الأبيض.

هي مشكلة مستدامة مع واشنطن، إن انتهجت سياسة “تدخلية” جرّت وراءها الويلات والصراعات المزمنة والأزمات المفتوحة ... وإن هي انتهجت سياسة “انكفائية” خلّفت فراغات في مناطق عديدة من العالم، لن تملأها سوى الصراعات والحروب والأزمات المفتوحة كذلك ... لكأننا أمام حكاية “الفيل الذي دخل متجر التحف الزجاجية”، كيفما استدار وأينما تحرك، يترك خلفه ركاماً من الأواني المحطمة.

المصدر : صحيفة الدستور

GMT 07:43 2019 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

شكراً «آبي» ... شينزو وأحمد

GMT 08:01 2019 الخميس ,06 حزيران / يونيو

«يسقط ثالث»

GMT 03:59 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

«يسقط ثالث»

GMT 08:33 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

للأقصى شعبٌ يحميه

GMT 11:04 2019 السبت ,01 حزيران / يونيو

الانتخابات المبكرة في إسرائيل: كلاكيت 2

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«أميركا أولاً» «أميركا أولاً»



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 15:29 2013 الأربعاء ,09 كانون الثاني / يناير

عقوبات انضباطية بحقّ 41 لاعبًا كوريًا جنوبيًا

GMT 16:31 2020 الأحد ,05 إبريل / نيسان

رقم تاريخي يزين مسيرة حمد الله مع النصر

GMT 19:32 2019 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يتقدم بشكوى رسمية للفيفا ضد حمدى النقاز

GMT 22:31 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أشرف يثني على أجواء معسكر الأسود قبل مواجهة جزر القمر

GMT 09:34 2015 الأحد ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

"صلة" تحذر جماهير ديربي جدة من السوق السوداء

GMT 22:26 2017 السبت ,21 تشرين الأول / أكتوبر

بادو الزاكي يتابع مباراة الوداد واتحاد العاصمة

GMT 23:35 2016 الخميس ,29 كانون الأول / ديسمبر

سيباستيان دوسابر يحتج على مسؤولي الوداد البيضاوي
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib