الصمت على الفتاوى المجرمة جريمة

الصمت على الفتاوى المجرمة... جريمة

المغرب الرياضي  -

الصمت على الفتاوى المجرمة جريمة

بقلم : عريب الرنتاوي

بالصوت والصورة، يظهر الشيخ يوسف القرضاوي على مواقع الشبكة العنكبوتية ووسائل التواصل الاجتماعي، منافحاً ومبرراً و"مشرعناً" العمليات الانتحارية، بما فيها تلك التي تسقط المدنيين الأبرياء، شرطه الوحيد ألا يكون هذا النمط من القتل الجماعي، مجرد عمل فردي، بل بقرار من "الجماعة" التي يتعين على الفرد أن يُسْلِمَ نفسه إليها (الهجرة إلى الجماعة)، وهي التي ستقرر مصيره الشخصي، ومصائر ضحاياه إن تقرر إلباسه حزاماً ناسفاً، أو إرساله في سيارة مفخخة تأتي على الأخضر واليابس.

إن لم يكن هذا النوع من الإفتاء الشاذ، دعوة للإرهاب وتحريضاً عليه ... إن تكن هذه هي ثقافة الكراهية والموت المجاني والتحريض على القتل، فأي وصف يمكن أن يليق بها؟ ... وإن لم تكن الحرب على هؤلاء مندمجة في الحرب على الإرهاب، فأي معنى للحديث عن معركة "كسب العقول والقلوب" في الحرب على التطرف والإرهاب؟ ... وإن لم يكن التنصل من هذه الفتاوى وأصحابها، بل والتصدي لها ولهم، بالإدانة والتنديد والدحض والتفنيد، فما الذي يمكن للحركات الإسلامية المحسوبة على هذه "المرجعية"، أن تفعله، أقله لخدمة ادعاءاتها بالوسطية والاعتدال ونبذ الإرهاب والابتعاد عن العنف؟ ... وما الذي يتبقى من دعواها عن "السلمية" و"التدرج" و"الكلمة السواء" و"الموعظة الحسنة"، بعد أن تلوذ بصمت القبور إزاء مثل هذه الأنماط من التحريض على القتل والجريمة، بدعوى الإفتاء، ومن موقع "كبير كبار العلماء المسلمين"؟

قبل أيام، سحب القرضاوي تغريدة له، بعد أن أثارت زوبعة من الانتقادات، إثر جريمة التفجير المزدوجة لكنيستين قبطيتين في طنطا والاسكندرية... القرضاوي قدم في تغريدته ما يمكن اعتباره "تبريراً" للعملية النكراء، من ضمن مسلسل كامل يعزف أنصاره على وتر الربط بين سقوط حكم الإخوان ومحمد مرسي والموجة الإرهابية التي تجتاح مصر، بل ويشترط عودة مرسي لوقف شلال الدم الذي يدمي سيناء والوادي ... ومن دون أن نقلل من شأن الاستبداد ودوره في توسيع وتعميق ظواهر التطرف والإرهاب، فإننا لا يمكن أن نقبل بأي نزعة تبريرية، تبحث عن "أعذار مخففة" للقتلة والمجرمين ... الفرق شاسع بين المقاربتين، والبون بينهما هو ما يميز التحليل العلمي الصارم لظاهرة التطرف والإرهاب من جهة، ومحاولات البعض تسويق وتسويغ الظاهرة، لغايات في نفس يعقوب من جهة ثانية، ويعقوب الذي نقصد يفضح مكنونات نفسه بنفسه، عندما يتنطع لإصدار فتاوى شاذة من النوع الذي أشرنا إليه.

والحقيقة أننا ما كنا لنلتفت إلى هذه الفتوى الشاذة، لو أنها صدرت عن غير القرضاوي من فقهاء الظلام الذين تكاثروا كالنبت الشيطاني في السنوات الست الأخيرة... لكن أن تصدر الفتوى عن رجل في موقعه ومكانته وحيزه السياسي والجغرافي، فذاك أمرٌ لا يمكن السكوت عليه أو الصمت حياله، وإلا لكانت "الشراكة في الجريمة".

فالرجل أولاً، يعد الأب الروحي لمدرسة الإخوان المسلمين في العالم، ولطالما انحنى قادة الجماعات الإسلامية أمامه لتقبيل يديه ووجنتيه وجبينه، وبصورة مذّلة لبلدانهم وأوطانهم وهوياتهم الوطنية... ولأن الجماعة لم تبرأ منه ولا من فتاواه، ولم يصدر عن أي من فروعها ما يحمل معنى التنصل والبراءة، فإن من حقنا أن نتساءل عمّا إذا كانت الجماعة التي قصدها القرضاوي، تجيز هذه الأعمال، و"تشرعنها" بدورها، وتجد لها سنداً في الفقه والإرث الإسلاميين؟ ... نتساءل عمّا يميز هذه الجماعة، إن هي لم تتصد لفتاوى من هذا النوع، عن بقية جماعات "السلفية الجهادية"، وفي مقدمها "داعش" و"النصرة" التي تعتمد المدرسة ذاتها في الإفتاء، والتي تقوم على جواز قتل المدنيين والأبرياء، ومن دون تمييز، وتضع "الجماعة" في مكانة متقدمة على "الوطن" و"الدولة"، بما يفتح الباب لتكفير الدولة والمجتمع، ويعيد الاعتبار لمفهوم "الهجرة إلى الجماعة المؤمنة أو الفرقة الناجية" أو غير ذلك من مفاهيم مؤسسة لفكر الإرهاب وجماعاته الحركية المجرمة.

والرجل ثانياً، يتخذ من دولة عربية شقيقة مقراً له، فهي توفر له الجنسية والحماية والمنصة التي تتيح له ممارسة دوره وتأثيره، وبصورة تلحق أفدح الضرر أولاً بموطنه الأول، مصر، التي تدفع ثمناً باهظاً لتفشي الظاهرة الإرهابية، وثانياً، ببقية الأقطار والجاليات المسلمة، التي يتلقف بعض أبنائها مثل هذه الجرعات التحريضية، فيخرجون إلى الشوارع والميادين لمقارفة أبشع أعمال القتل الرجال والنساء والأطفال، باسم الدين، وبتحريض من فقهاء القتل والظلام، وبما ملكت أيمانهم من أسلحة وأدوات للقتل.

قول القرضاوي لا يضاهيه من حيث خطورته، سوى صمت الجماعة عن مثل هذه الفتاوى، ولا يناهزه من حيث فداحته، سوى الاحتضان الرسمي له من قبل دولة تعلم علم اليقين، أن مثل هذه الفتاوى من شأنها تأجيج نيران الكراهية والمس بأمن دول شقيقة واستقرارها ... والمؤسف حقاً أن الجماعة باتت تضيق ذرعاً بالانتقادات الموجهة إليها لوقوفها في "المنطقة الرمادية" من مسألة الإرهاب، لكن الحقيقة أن الصمت على فتوى من هذا النوع، لن يزيد "المساحة الرمادية" في خطاب الجماعة، إلا "قتامة" و"اسودادا".

المؤسف أيضاً أن دولة تدعي محاربة الإرهاب ونشر التنوير، لا تجد ما يمنعها من احتضان أحد أبرز فقهاء الظلام والكراهية، الذي تذكرنا فتاواه الغربية والشاذة والمتقلبة، بتغريدات دونالد ترامب، شديدة التغير والتقلب بدورها... فهو يفتي بجواز تدخل الأطلسي (الصليبي) في ليبيا وسوريا، حتى استحق لقب "مفتي الناتو"، وهو يفتي حيناً بجواز، وأحياناً بحرمة، استهداف الإسرائيليين (اليهود) بالعمليات الانتحارية، لكنه حين يتصل الأمر بليبيا ومصر وسوريا، لا يتردد ولا يتلعثم، بإباحة عمليات القتل الجماعي، حتى وإن اصطبغت الشوارع والجدران، بدماء الأبرياء وأشلائهم.... لا ندري كيف يمكن لثقافة التنوير ومثقفيها أن تعيش ويعيشوا فوق سطح واحد مع ثقافة الكراهية والقتل والدم وفقهاء الكهوف والقتل الجماعي، اللهم إلا إذا كان لكل منها ومنهم دوره "الأداتي" في خدمة مصالح وأجندات الدولة الراعية، ومن هم من وراءها بالطبع.

GMT 07:43 2019 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

شكراً «آبي» ... شينزو وأحمد

GMT 08:01 2019 الخميس ,06 حزيران / يونيو

«يسقط ثالث»

GMT 03:59 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

«يسقط ثالث»

GMT 08:33 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

للأقصى شعبٌ يحميه

GMT 11:04 2019 السبت ,01 حزيران / يونيو

الانتخابات المبكرة في إسرائيل: كلاكيت 2

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصمت على الفتاوى المجرمة جريمة الصمت على الفتاوى المجرمة جريمة



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  -

GMT 01:21 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أخطاء تقعين فيها عند ترتيب مطبخكِ عليكِ تجنّبها
المغرب الرياضي  - رفض دعاوى

GMT 03:39 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

عناد فوزي لقجع

GMT 11:45 2019 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

بلاك آرمي تحذر جماهير الجيش من الشغب

GMT 22:21 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

5 وضعيات للجماع تعد الافضل لمنطقة الأرداف

GMT 16:08 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

لارغيت وفتحي جمال يتابعون مباراة المغرب وناميبيا

GMT 13:51 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

لاعبو "المغرب الفاسي" يعودون إلى التدريبات الجمعة

GMT 14:07 2017 الثلاثاء ,18 تموز / يوليو

ناديه الإيفواري رزاق سيسيه من حق الزمالك

GMT 05:05 2012 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

نادال ينسحب من بطولتي باريس ولندن

GMT 22:58 2019 الأحد ,17 آذار/ مارس

انطلاق تدريبات بطولة فزاع للرماية

GMT 14:18 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

أولمبيك خريبكة يعرض زهير الواصلي على المجلس التأديبي

GMT 10:02 2016 الإثنين ,10 تشرين الأول / أكتوبر

نادي الجيش الملكي يسرّع مفاوضاته مع العامري وعموتة وخيري
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib