في «المسألة الدرزية»

في «المسألة الدرزية»

المغرب الرياضي  -

في «المسألة الدرزية»

بقلم : عريب الرنتاوي

حدثان هامان، وقعا على نحو متزامن، وإن من دون تلازم، أعادا طرح «المسألة الدرزية» على مائدة السؤال والبحث والنقاش العام ... الأول، ويتمثل في المجزرة الداعشية البشعة التي أطاحت بأرواح عشرات المواطنين السوريين من أبناء «بني معروف» في السويداء ومحيطها، بين شهيد وجريح ومختطف ... والثاني، ويتجلى في ردود أفعال أبناء الطائفة الدرزية الفلسطينية، على قانون «قومية الدولة اليهودية».

في الحدث الأول، يحتل «الدروز» مكانة متدنية في فكر داعش وفلسفتها، تراوح ما بين الكفر والشرك، لا يعترف بـ»إسلاميتهم» ولا بـ»أحقيتهم» في الحياة ... لديهم خيارين لا ثالث لهما: الشهادتين أو السيف ... النصرة فعلت شيئاً مشابهاً مع دروز شمال سوريا، ولم يقنعها نطقهم بالشهادتين، بل طلبت إلى رجالهم حلق شواربهم وإطالة لحاهم، والبرهنة على «حسن إسلامهم» بتزويج بناتهم ونسائهم لـ»مجاهدي أبو محمد الجولاني».

مشكلة الدروز مع العالم الإسلامي، أكثر تعقيداً، ولا تقتصر على الجماعات السلفية والوهابية المتطرفة فحسب ... لا تعترف معظم إن لم نقل جميع المذاهب الإسلامية، بما فيها «المعتدلة»، بـ»إسلامية الدروز»، رغم أن هذه الطائفة، تدرج نفسها في عداد الطوائف الموحدة/ المسلمة ... والمؤسف أن التمييز ضد الدروز لا يقتصر على الجانب الديني/المذهبي، بل يتخطاه إلى حقوق المواطنة في عدد من دول الانتشار الدرزي، وتساعد بعض ممارسات «الفاعلين» في الطائفة، من سياسيين ورجال دين، في تكريس «عزلة» هذه الشريحة من المواطنين.

لم نلحظ حملات استنكار وتنديد واسعتين ضد جريمة داعش بحق المواطنين الدروز في السويداء ومحيطها، لكأن الصمت تعبير في بعض جوانبه عن «التواطؤ» ... مرت الجريمة مرور الكرام، وها نحن نتابع بقية فصول المشهد في المعارك الدائرة بين الجيش السوري وفلول داعش في ريف السويداء الشرقي والشمالي الشرقي وعمق البادية السورية.

في الحدث الثاني، هبّ دروز فلسطين، كما لم يفعلوا من قبل، هبة رجل واحد ضد قانون «قومية الدولة اليهودية» ... أكثر من تسعين ألف درزي خرجوا في تظاهرة تل أبيب الحاشدة (من أصل 130 ألف درزي فلسطيني)، ومعهم ألوف الإسرائيليين المناهضين للقانون ولعنصرية الدولة وتشريعاتها وممارستها التميزية ... وكان واضحاً أن ثمة انقسام عميق في أوساط الطائفة الدرزية الكريمة ... بعضهم آثر الاندماج في حركة الاحتجاج الوطنية الفلسطينية (داخل الخط الأخضر)، من منطلق أن لا حل درزياً لمشكلة التمييز ضد دروز فلسطين، بل حلاً وطنياً، يقوم على حفظ حقوق المواطنة والحقوق الوطنية للجماعة القومية الفلسطينية ... لكن أغلب الدروز، التيار الرئيس، خرج منافحاً عن حقوق الدروز بمعزل عن حقوق بقية الأقلية العربية.

حجة هؤلاء أنهم خدموا إسرائيل كـ»أبنائها اليهود»، وقدموا أزيد من 400 «شهيد» دفاعاً عنها وفي مختلف حروبها، منذ «الاستقلال» حتى اليوم، واستندوا في مطالباتهم إلى «وثيقة الاستقلال» الإسرائيلية، التي جاء قانون «قومية الدولة» ليخرقها، وينحرف عن مضامينها الداعية لـ»المساواة» ... لم نر علماً فلسطينياً واحداً يرفرف فوق رؤوس المتظاهرين، فقط أعلام إسرائيل حضرت بقوة، إلى جانب «العلم الدرزي»، وأصدقكم القول، ولتعذروا جهلي، بأنني أعرف لأول مرة، بأن هناك «علماً درزياً» خاصاً.

التظاهرة كانت أقرب إلى «العتاب المر» منها إلى «الانتفاضة» على عنصرية إسرائيل وقبح تشريعاتها ... وهي اعتراض على القانون الإسرائيلي من منطلق تعارضه مع «القانون الأساس» ... وهي تذكير بالخدمات الجليلة التي قدمتها الطائفة لدولة الاحتلال والاستيطان والعنصرية، وغالباً ضد أشقائهم من العرب الفلسطينيين... أحسب أن شعوراً مختلطاً خالجني وأنا أتابع أنباء التظاهرة الحاشدة، في جزء ضئيل منه، أنني رغبت في رؤية تحرك واسع النطاق ضد قانون «قومية الدولة»، ولكن في جزئه الأكبر، أنني رأيت الاحتجاج ينطلق تحت رايات إسرائيل، وذوداً عن مصالحها و»قيمها» و»إعلان استقلالها»، فكان من الصعب عليّ، سياسياً وسيكولوجياً، أن أتمادى في التعاطف.

دروز فلسطين منقسمون على أنفسهم، غالبيتهم قررت التماهي مع دولة الاحتلال، وقد وعودا من قبل بنيامين نتنياهو بتقديم «قانون خاص بهم»، ينصفهم بعض الشيء، من دون المساس بـ»قانون قومية الدولة»، ولا أدري كيف ستستقيم المعادلة ... وبعضهم الآخر، قرر التماهي مع حركة الأقلية العربية في كفاحها من أجلها حقوقها القومية والفردية، فكانوا جزءا لا يتجزأ من الحركة الوطنية الفلسطينية، الأعم والأشمل.... الجزء الأول، الأغلبية التي نزلت في تظاهرة تل أبيب، يبدو أنها في طريقة لاستئناف حياتها كالمعتاد بعد وعود نتنياهو ... أما الجزء الثاني، الأقلية، فسيواصل كفاحه، كجزء لا يتجزأ من حركة الشعب الفلسطيني الوطنية.

 

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في «المسألة الدرزية» في «المسألة الدرزية»



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  -

GMT 01:21 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أخطاء تقعين فيها عند ترتيب مطبخكِ عليكِ تجنّبها
المغرب الرياضي  - رفض دعاوى

GMT 06:26 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

صور أجمل كوشات أعراس لموسم ربيع 2019

GMT 04:18 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

معتز برشم ينافس على لقب رياضي العام في "موناكو"

GMT 18:24 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس حسنية أغادير يسافر إلى رومانيا

GMT 23:13 2018 السبت ,28 تموز / يوليو

الرجاء يقدم لاعبه الجديد الورفلي

GMT 16:12 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

اجتماع لروساء الرجاء البيضاوي للخروج من أزمة النادي

GMT 05:36 2019 الجمعة ,15 آذار/ مارس

افتتاح مطعم " Clinton St. Baking" العالمي في دبي

GMT 15:12 2017 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

أولتراس وينرز مثال للجمهور الحقيقي

GMT 13:10 2017 الأحد ,10 كانون الأول / ديسمبر

جماهير فريق الوداد تلفت أنظار العالم ببادرة طيبة

GMT 19:20 2022 الأربعاء ,13 إبريل / نيسان

الطاوسي يراهن على لاعب مصاب لتجاوز الأهلي
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib