«يسقط ثالث»

«يسقط ثالث»

المغرب الرياضي  -

«يسقط ثالث»

بقلم : عريب الرنتاوي

لم يترك جنرالات السودان وسيلة أو أداة، كان يستخدمها عمر حسن البشير للبقاء متربعاً على عرش السودان لثلاثين عاماً، إلا وجرّبوها أو لوّحوا بتجريبها ... من سياسة «فرق تسد» في التعامل مع الحراك الشعبي والمهني، إلى استخدام المليشيات الرديفة التي أنشأها النظام السابق، مروراً بالتلويح بخطر الفلتان والمؤامرات وأعداء الخارج، وليس انتهاء باللجوء إلى القوة الخشنة لفض الاعتصام.
ليس هذا فحسب، فحكام السودان العسكريون الجدد، قرروا من جانب واحد، أنهم «باقون ويتمددون» على رأس السلطة في البلاد، وأنهم يسعون في بناء قاعدة اجتماعية لحكم مديد، قوامه مليشيات وفئات مهمة، ورسموا لأنفسهم موقعاً في خريطة التحالف الإقليمية، في قلب «معسكر الثورة المضادة» لثورات الربيع وانتفاضاته ... لقد قضي الأمر بالنسبة لهؤلاء، ولم يبق سوى التخلص من الجموع المحتشدة قبالة مقر القيادة العامة للقوات المسلحة.
هؤلاء هم تلاميذ البشير و «أيتامه»، نشأوا في عهده ولولا ولائهم له لما وصلوا إلى ما وصلوا إليه ... لا يعرفون سوى منهجه في الحكم، وقد خبروا ألاعيبه وأدواته، فقد كانوا جزءاً منها، وأداة تنفيذية من أدواتها ... راوغوا وماطلوا على أمل أن ينفض الجمع أو ينقسم على نفسه، وإلى أن استكملوا توثيق عرى تحالفاتهم مع «الثورة المضادة» إقليمياً، قبل أن يحزموا أمرهم ويقرروا الانقضاض على انتفاضة الشعب السوداني.
هم يكذبون حين يزعون أنهم جزء من ثورة الشعب السوداني، هم قفزوا على أكتفاهم لمنع سقوط النظام والاكتفاء بإسقاط بعض رموزه، واستبدال جنرال بآخر ... هذه هي وظيفتهم، وعلى هذا الأساس تلقوا الدعم المفتوح سياسياً ومالياً من عواصم معروفة ... هم يكذبون حين يتحدثون عن «زهدهم» بالحكم ويعدون بتسليم السلطة لحكومة مدنية، لا وظيفة لتصريحاتهم سوى خداع الجماهير الغاضبة، وطمأنة المجتمع الدولي واحتواء ردّات أفعاله ... هم يريدون للسودان أن يبقى في قبضة الجنرالات، وأن يعيد انتاج سير «كبيرهم ومعلمهم السحر» ... وهذا ما أدركه السودانيون وإن متأخرين ولكن ليس قبل فوات الأوان.
ما يجري في ساحات الخرطوم، من احتلال للمدينة وتقطيع لأوصالها ومطاردات في الشوارع واغتيال للنشطاء بالرصاص والقنابل الدخانية والهراوات، هم التعبير الحقيقي عمّا يجول في دواخلهم ... هذه هي حقيقتهم الوحيدة، من دون تجميل ... وهذه هي نواياهم من دون تزييف.
لقد أسقط السودانيون عمر البشير بعد أن ظن وظنوا أنه باق إلى الأبد ... وأسقطوا من بعده الجنرال ابن عوف، وبسرعة قياسية ... اليوم تدخل معركة السودان من أجل الدولة المدنية الديمقراطية، فصلها الثالث، ويهتف السودانيون بشعار «تسقط ثالث» ... وليس أمامهم سوى الانتصار في هذه المعركة، وإلا جازفوا بإخضاع بلادهم لعشريات قادمة من السنين تحت بساطير الجنرالات وعصيّهم.
«الثورة المضادة» في السودان تكتمل فصولاً ... خطوطها المحلية تتشابك مع خطوطها الإقليمية ... تتظهّر وتنفضح ... والشعب السوداني لم يقل كلمته الفصل بعد ... المعركة من أجل الحرية والديمقراطية لم تضع أوزارها بعد، والمجلس العسكري الذي سمع قادته كلاماً تحريضياً للانقضاض على الشارع، عليه أن يدرك بأن طريقه محفوف بالمخاطر، وأن ثمة غرفاً فارغة مجاورة للغرفة التي يجلس فيها عمر حسن البشير، ثمة متسع لكل من يعبث بمستقبل الشعب السوداني وحيوات أبنائه وبناته ... ومن لم يتعلم من تجربة الأشهر القليلة الفائتة في السودان، لن يتعلم أبداً، بل هو غير قابل للتعلم أصلاً، وسيندم الذين انقلبوا على ثورة هذا الشعب الطيب والعظيم، ولكن حين لا ينفع الندم.

 

GMT 08:06 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

طوق النجاة لمباحثات الخرطوم

GMT 08:03 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

من قراءات الأسبوع

GMT 07:46 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 07:44 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

عيون وآذان (محمد بن زايد يعرف مصالح الإمارات)

GMT 07:42 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

قراءة نيابية في الموازنة قبل المجلس الدستوري

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«يسقط ثالث» «يسقط ثالث»



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  -

GMT 01:21 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أخطاء تقعين فيها عند ترتيب مطبخكِ عليكِ تجنّبها
المغرب الرياضي  - رفض دعاوى

GMT 20:35 2018 السبت ,14 تموز / يوليو

4 ساعات جوا في رحلة الوداد إلى كوناكري

GMT 20:23 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

معلومات مهمة لعشاق رونار

GMT 10:49 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

عطب إداري

GMT 10:33 2017 الإثنين ,10 إبريل / نيسان

عين العدل

GMT 15:48 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

مدرب ليستر سيتى يشيد بالجزائري رياض محرز

GMT 09:13 2017 الأربعاء ,12 إبريل / نيسان

برامج الطبخ بين الفائدة والتسلية

GMT 11:29 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

أسود هولندا وحراك الريف

GMT 14:42 2019 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

عموتة يرخص للاعبي بركان بمغادرة تجمع المحليين

GMT 00:42 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أمبارك بوصوفة يهدي تأهل المغرب لمونديال روسيا للجماهير

GMT 05:09 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

رضوان جيد حكما لمباراة الكوكب والفتح الرباطي

GMT 06:49 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

الغموض يلف مستقبل كوندي مع الفتح الرباطي

GMT 20:46 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

اتحاد طنجة يفرض التعادل على الجيش الملكي
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib