النصر المشرّف على العدو

النصر المشرّف: على العدو!

المغرب الرياضي  -

النصر المشرّف على العدو

بقلم : طلال سلمان

ما ابعد المسافة وما أقسى المقارنة بين «الحرب» التي شنها العدو الإسرائيلي على لبنان بعنوان مقاومته المجاهدة قبل عشر سنوات و»الحروب» التي تستنزف الأمة العربية بأقطارها على امتداد مشرقها وبعض مغربها.

أما هنا، في لبنان، وعلى امتداد ثلاثة وثلاثين يوماً فقد واجه هذا الشعب الذي كانت قواه السياسية مختلفة على تقاسم السلطة فيه وعلى بعض سياسات دولته، العدو الإسرائيلي ببسالة منقطعة النظير في الميدان وعبر المواجهة الباسلة لمقاومته وأهلها في الجنوب وبيروت بشخص ضاحيتها النوارة خاصة وأهلها عامة، وجبل لبنان والبقاع غرباً وشمالاً والشمال بعنوان عكار وطرابلس واهدن والكورة وعلى امتداد الساحل نحو العاصمة..

وبرغم أن بعض الحكم كان يرى في مقاومة الاجتياح الإسرائيلي الذي غطى بالنار الحارقة أكثر من نصف لبنان مستهدفا المقاومة وبنيتها التحتية وجمهورها، مغامرة انتحارية وانفراداً بقرار الحرب و»استفزازاً» للقوى الدولية بالقيادة الأميركية التي كان يرى فيها الحماية والضمانة...

برغم ذلك، وبفضل صمود المقاومة التي كشفت ـ قبل بسالة مجاهديها وخبراتهم الممتازة ـ الزهو الإسرائيلي بالجيش الذي لا يقهر، واطمئنان قيادة العدو إلى ان بعض النظام العربي يضيق صدره بهذا النموذج الفذ للمواجهة بإرادة المقاومة وتضامن شعبها معها حتى وبعض مدنه والكثير من قراه تحترق وتتهاوى بيوتها والجسور تنسف مقطعة اوصال البلاد... برغم ذلك فقد خابت آمال العدو بانتصار سريع، أو حتى بطيء، وخاب توقعه بأن هجومه الكاسح بالأسلحة الفتاكة سيحقق اهدافه بالقضاء على المقاومة وتأديب الشعب في لبنان، بوصفه الحاضنة، خلال أيام معدودة، وقد يستدرج سوريا «فيؤدبها»، وربما بلغ بالتأديب كل من يؤيد المقاومة ويدعمها وصولاً إلى طهران..

بدلاً من ذلك، تلقت إسرائيل المفاجآت الصاعقة والمتوالية: المقاومة اعظم بسالة وخبرات وقدرات مما كانت تقدر وتخطط للضربة القاضية والتي لن تستغرق إلا أياما قليلة (على عادتها في حروبها السابقة على العرب..)، ثم ان استعداد المقاومة للصمود وادامة القتال على جبهات متعددة تغطي الجنوب بكامله وبعض الجبل والبقاع وطرق الامداد العديدة، كما الشرايين، بين سوريا وخطوط النار المختلفة، يفوق كل تصورات العدو.

لم يكن السلاح على أهميته وخطورة نوعيته، هو الأساس بل الروح المعنوية العالية والبسالة المميزة للمجاهدين، ثم الاحتضان الشعبي العارم، لا سيما في المناطق التي استهدفها الهجوم ثم تمدد منها ـ او حاول التمدد ـ إلى سائر الجهات... فضلاً عن تنوع السلاح وكفاءة المقاتلين الذين دربوا على مواجهة الهجمات على اختلافها، بما في ذلك عبر البحر، حيث لم يكن وارداً في حساب العدو الإسرائيلي ان المقاومة قد استعدت أيضاً للمدمرات والزوارق الحربية التي توسع ميدان القتال الى سواحل بيروت.

...وعندما تهاوت التصورات الخاطئة عن التفوق المطلق للعدو والذي لا تمكن مواجهته، وتعاظم لليقين بقدرة مجاهدي المقاومة على مواجهة أسلحة جيش العدو كافة، بما فيها الطيران ودبابات الميركافا (مفخرته الحربية) وأبواق دعايته ممثلة بالمتخاذلين من أبواق حكام السوء في دنيا العرب، عادت الثقة بالذات الى الارتفاع، ثم زادها الفخر بالانجاز لان الحرب مع العدو الوطني ـ القومي ـ الإنساني، عدو فلسطين ومصر وسوريا والعراق والجزيرة العربية واقطار المغرب العربي جميعاً... بل عدو الشعوب الطامحة الى التحرر وبناء غدها الأفضل فوق ارضها محررة.

كانت حربا باسم الوطن والأمة، ومن اجل الوطن والأمة وكرامة انسانها.. لا كان هدفها السلطة، ولا تغليب فئة على فئة، ولا الانتصار لحاكم ظالم، ولا التواطؤ مع العدو على الأهل.

وأكثر ما يحزن في واقعنا العربي الحالي ان الحروب هي على الاهل، وليست على العدو القومي والأممي..

ومن هنا يعز فيها النصر في حين تدفع البلاد الثمن ويرتبك العدو وهو يجني من الأرباح والمكاسب السياسية والاستراتيجية، فوق ما يتصور، بحيث صار او يكاد يصير شريكا اساسياً في صياغة مستقبل هذه الامة بدولها العديدة، المتمتعة بثروات خرافية لم تتعب في تحقيقها او تلك المقهورة بفقرها.

النصر على العدو هو نصر للأمة يعزز الأمل بمستقبلها وبحقها في حياة أفضل.

ولهذا تحتل المقاومة المجاهدة في لبنان مكانتها المميزة، فهي لم تقاتل من اجل سلطة او مكاسب آنية، بل من أجل شرف هذا الانسان العربي وحقه في حياة كريمة.

GMT 09:30 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

كيف الخلاص من .. الشيكل ؟

GMT 03:30 2017 الإثنين ,10 تموز / يوليو

عن العرب المحاصرين بحرب النفط والغاز

GMT 05:25 2017 الخميس ,08 حزيران / يونيو

هكذا ولدت

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النصر المشرّف على العدو النصر المشرّف على العدو



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 07:48 2016 الأربعاء ,08 حزيران / يونيو

مجموعة من لاعبي الوداد مرشحون لمغادرة الفريق

GMT 13:31 2021 الثلاثاء ,29 حزيران / يونيو

بعد وداع اليورو زيدان يقترب من تدريب منتخب فرنسا

GMT 03:33 2021 الجمعة ,26 آذار/ مارس

اللافي يحرز ثنائية في خسارة ليبيا من تونس

GMT 19:44 2021 الأربعاء ,24 شباط / فبراير

احتمال رحيل زكريا لبيض عن الأجاكس

GMT 23:20 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

الوداد يستعيد نجمين بارزين قبل العودة للدوري الاحترافي

GMT 23:08 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

5 غيابات للوداد أمام الدفاع الجديدي
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib