اشكر ربك  فأنت من لبنان البلا دولة

اشكر ربك .. فأنت من لبنان البلا دولة

المغرب الرياضي  -

اشكر ربك  فأنت من لبنان البلا دولة

طلال سلمان


يغبط الإخوان العرب اللبنانيين على نمط حياتهم، ويكاد بعضهم يتخذ من لبنان عنواناً للازدهار والتمتع بهناء العيش في واحة الديموقراطية التي صمدت ولا تزال صامدة في وجه الحروب الأهلية فيه، والحروب المفتوحة على المجهول في محيطها الذي ينزف دوله وقدراتها وأبناءها على مدار الساعة.
يحاول «المواطن» اللبناني أن يثبت لأخيه العربي أنه ليس «مواطناً» بل رعية لطائفة أو لحزب الطائفة أو لقائد الطائفة، فيأتيه الرد حاسماً: يا أخي اشكر ربك، فأنت تعيش آمناً، لا تطاردك قذائف المدفعية والصواريخ، فإذا ما نجوت منها وقعت في شباك المباحث والمخابرات بسبب نكتة أو نتيجة عدم تبليغ «الأجهزة المختصة» ما سمعت وما رأيت وما عرفت... فإذا ما تشفع لك صاحب نفوذ يمكن أن يختطفك تنظيم طائفي متعصب فتدفع ثمن «تحريرك» غالياً!
ـــــ ولكننا نعيش في ظل نظام يلغي الدولة... تصور أننا من دون رئيس للجمهورية منذ ثلاثماية يوم، ومن دون مجلس نواب منذ سنوات ندفع مخصصات أعضائه الميامين فلا يجتمعون، ويعجزون عن انتخاب رئيس جديد، والحكومة تسير بخطى أضعف وزرائها ويمكن لوزير واحد أن يعطلها..
ـــــ أما نحن فقد أسقطت الحروب التي تشارك فيها دول عديدة دولتنا بمؤسساتها كافة..
ـــــ ودولتنا تعيش بلا موازنة منذ سنوات طويلة، وتعتمد الحكومة سياسة «سلف الخزينة»، وأية محاولة لمناقشة حساب الإنفاق في الماضي، من أجل طي هذه الصفحة، تفتح الباب على المجهول..
ـــــ ولكن تستطيع أن تعيش حياتك. تستيقظ فتقرأ صحفك، وتذهب إلى غداء دعوت إليه بعض الأصدقاء، وقد تقصد حضور مسرحية أو مشاهدة فيلم سينمائي مساءً، أو يشدك مطرب تحب صوته إلى حفلة طرب. أرأيت الفارق بين عيشنا وحياتك؟! أما صحفنا فنسخ متشابهة لا تخبرنا شيئاً عما يجري في بلادنا، وأما الحفلات أو المناسبات الاجتماعية فلا وجود لها إلا في ذكرياتنا، على أن المآتم ومسلسل تشييع الشهداء لا تنتهي..
توقف الصديق الزائر لحظات عن الكلام، وتنهد قبل أن يضيف قائلاً:
ــــ لقد اعتدنا غياب الدولة فبتنا نتصرف بمنطق أن كل واحد منا «دولة»، له موازنته الخاصة مضغوطة إلى أقصى حد، وله أمنه الخاص بمعنى أن عليه أن يختار كل صباح أي طريق يسلك إلى عمله، ثم عليه أن يؤمن حاجيات البيت يوماً بيوم، يستوي في ذلك الخبز أو المازوت، البنزين أو الخضار.. أما الفاكهة فحين تتوفر، وبالأسعار التي يحددها التاجر.
ـــ ونحن أيضاً اعتدنا غياب الدولة! لعلك تتابع الحملات التي تشن على المخازن الكبرى لمكافحة مواد الغذاء الفاسدة، وعلى الصيدليات التي تبيع أدوية مزورة، وعلى الدوائر العقارية لكشف التزوير في بعض المعاملات، وعلى المستشفيات بسبب الفواتير المزورة، وعلى الجمارك لكشف شبكات التهريب بالتواطؤ.. إننا نعيش في قلب الفساد الذي بات من شروط حياتنا..
ـــ ولكن هيكل دولتكم ما زال قائماً، ويمكن ملء الشغور في سدة الرئاسة بعد شهر أو بضعة شهور... أما نحن فقد تم تدمير هيكل الدولة جميعاً. ففي مقابل الجيش هناك «جيوش» شكلتها الطوائف أو العناصر و«القوميات» الأخرى. لكل طائفة جيشها، ولكل «قومية» قواتها المقاتلة... وفوق رؤوسنا يحلق الطيران الحربي الأجنبي على مدار الساعة بذريعة قتال العصابات المسلحة من نوع «داعش» أو «النصرة» أو «القاعدة».. وفي انتظار أن ينجز «الأجانب»، بالقيادة الأميركية هذه المهمة المستحيلة، علينا أن نعيش في قلب الرعب، مع نسائنا وأطفالنا... ولا مجال للهرب وطلب اللجوء إلى دول أخرى لأن هذه الدول تمتنع الآن عن إعطائنا تأشيرات، هذا إذا ما استطعنا الوصول إلى سفاراتها.
أطرقت برأسي خجلاً، فعاد صاحبي يقول:
ـــ هذه هي أحوال إخوانك العرب في العديد من أقطارهم، بينها سوريا والعراق وليبيا، وقد انضمت إليها تونس مؤخراً، فضلاً عن اليمن. فاشكروا ربكم على ما أنتم فيه من نعم!
وانتبهت فرجوت هذا الصديق أن يقبل دعوتي لحضور مسرحية ساخرة حول مآثر النظام اللبناني الفريد في بابه!

GMT 08:06 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

طوق النجاة لمباحثات الخرطوم

GMT 08:03 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

من قراءات الأسبوع

GMT 07:46 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 07:44 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

عيون وآذان (محمد بن زايد يعرف مصالح الإمارات)

GMT 07:42 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

قراءة نيابية في الموازنة قبل المجلس الدستوري

GMT 07:40 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

الإيماءات الدبلوماسية لن تحل المشكلة الإيرانية

GMT 07:38 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إرهاب إسرائيلي يؤيده ترامب)

GMT 07:36 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

سعد الحريري ورفض الأمر الواقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اشكر ربك  فأنت من لبنان البلا دولة اشكر ربك  فأنت من لبنان البلا دولة



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 15:29 2013 الأربعاء ,09 كانون الثاني / يناير

عقوبات انضباطية بحقّ 41 لاعبًا كوريًا جنوبيًا

GMT 16:31 2020 الأحد ,05 إبريل / نيسان

رقم تاريخي يزين مسيرة حمد الله مع النصر

GMT 19:32 2019 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يتقدم بشكوى رسمية للفيفا ضد حمدى النقاز

GMT 22:31 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أشرف يثني على أجواء معسكر الأسود قبل مواجهة جزر القمر

GMT 09:34 2015 الأحد ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

"صلة" تحذر جماهير ديربي جدة من السوق السوداء

GMT 22:26 2017 السبت ,21 تشرين الأول / أكتوبر

بادو الزاكي يتابع مباراة الوداد واتحاد العاصمة

GMT 23:35 2016 الخميس ,29 كانون الأول / ديسمبر

سيباستيان دوسابر يحتج على مسؤولي الوداد البيضاوي
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib