الوطن وحوارات الوطنية

الوطن وحوارات الوطنية

المغرب الرياضي  -

الوطن وحوارات الوطنية

بقلم - عبد الرحمن الراشد

كان من بين القادة الذين قاتلوا تحت إمرة قيادة الملك فيصل، رحمه الله، عندما انتصر في استعادة المناطق السعودية الجنوبية، ووصلت القوات السعودية إلى مدينة الحديدة، التي ما لبثت أن تركتها بعد 3 أشهر بعد توجيه من الملك عبد العزيز لتعود إلى حدود الدولة السعودية. وشارك في عدد من حروب التوحيد لاحقاً.
هذه سيرة اخترتها لأنها تختصر معاني كثيرة. اللواء سعيد جودت، كان في البداية ضابطاً في الحامية التركية، وهُزم أمام قوات الملك عبد العزيز، رحمه الله. وعندما مثل أمام الملك أمر بفك قيوده وبقية أسرى الحرب، وخيَّره بين أن يعود إلى تركيا أو أن يلتحق بقواته، فاختار اللواء جودت أن يلتحق بهذا القائد العظيم. ومن رفاقه من التحق به ومنهم من عادوا إلى بلادهم. جودت عمل في صفوف قوات السعودية الجديدة ولاحقاً وثق به الملك المؤسس وكلّفه بواحدة من أعلى الوظائف مرتبةً وأهميةً، قائداً للحرس الملكي.
الملك عبد العزيز كان شخصية استثنائية، لم يكن ضيق الأفق، ولا متعصباً. حمل رؤية متقدمة على زمنه، وعلى بقية زعماء المنطقة ببناء دولة ذات طموحات كبيرة، وكل من حاربهم وانتصر عليهم ضمهم إلى مؤسسات دولته. الملك عبد العزيز أسس مملكة حديثة تتسع للجميع، وضم في حكومته ومجلسه قادة القبائل ووجهاء المجتمع، أيضاً ضم مصريين وسوريين وفلسطينيين وعراقيين وليبيين وغيرهم. منحهم جنسية دولته وكانوا من رجاله، منهم من حارب خلفه ومنهم من خدم دولته الحديثة. كانت السعودية دولة فقيرة، بلا بترول، وترك هؤلاء بلدانهم إيماناً به وبمشروعه.
هذه القصة ربما تختصر ما لم يستطع فهمه بعض الذين ينظرون اليوم إلى مجتمعهم بعين ضيقة، يرون بلداً صغيراً، وموارد محدودة، ويحلمون بطموحات متواضعة. دبَّ فيهم الفزع خشية أن يتم تجنيس غير السعوديين، مع أن هذا ليس صحيحاً، سواء من يستحق وفق النظام أو من دونه. الخوف من هجمة الأجانب، وتذويب المجتمع، هواجس عامة نراها تجتاح كثيراً من الدول التي صارت تظهر فيها دعوات الإقصاء بحجة المواطنة الخالصة، في الأردن ولبنان والكويت وتركيا وبريطانيا والولايات المتحدة وغيرها. عنصرية ليست مقتصرة على السعوديين، بل من إفرازات التنافس في السوق، وطوابير البطالة، وجعلت التعبير عنها سهلاً، عبر وسائل التواصل السهلة والسريعة والحرة، فدبّ خلاف بين المتقوقعين والمنفتحين، بين القلقين والواثقين، بين قصيري النظر وأصحاب الطموحات الكبيرة والبعيدة. معظمهم، على الطرفين، من حملة النوايا الحسنة يريدون حماية أنفسهم وأولادهم ومصالحهم، لكن قد يقودهم أصحاب نوايا سيئة. للتوّ أفلتنا من قيود جماعة كانت تسمي نفسها الصحوة الدينية نجحت لعقدين من الزمن في نشر فكر إقصاء مَن يختلف معها، بعد أن جعلت الإسلام حكراً عليها. والآن يظهر مَن يريد أن يختصر الوطن على نفسه وأهله ويلغي غيرهم. هناك حقائق ثابتة مهما عبّر البعض وتمنى، الدولة للجميع لا لبعض الناس، مهما علت أصولهم أو امتدت جذورهم. وقوانين الدولة ودستورها هي المرجع وليست بالمفاخرة أو المنابزة. والذي حصل على الجنسية البارحة مواطن كامل، له نفس الحقوق التي لغيره ممن سبقوه.
سعيد جودت كان كردياً عراقياً، من عسكر الأتراك، جعله عبد العزيز من مواطنيه. وكذلك فعل مع الدكتور عبد الله الديملوجي، أيضاً عراقي من عسكر تركيا، خيَّره واختار العمل مع الملك عبد العزيز وأصبح سعودياً. وهناك يوسف ياسين ورشاد فرعون من سوريا، والمصري حافظ وهبة، والليبي خالد القرقني وغيرهم الكثير. وعندما تسلم الحكم الملك سعود أيضاً أبقاهم. وأَلِفنا في عهد الملك فيصل أن نرى في اجتماعاته ومجلسه شخصيات مثل د. رشاد فرعون.
وبالتالي ليس صحيحاً أن التجنيس بدعة، ولا أن الدولة قامت على البعض وللبعض دون غيرهم. السعودية مشروع دولة حديث متقدم منذ نحو تسعين عاماً، ضمت بين أهلها من سكانها مَن هم من الصين وروسيا وإلى الهند وبريطانيا. هذه ميزة كبيرة ومصدر فخر لنا ولهم، والانسياق وراء التقسيم والفرز يخدم فقط الذين يتمنون زرع أفكار إضعاف المجتمع وشرذمته. ولا أحد يريد تقديم الأجانب على المواطنين، فالمواطنة أولوية سياسة كل الدول تقريباً، لا يفترض أن تخلط بين مفاهيم مثل التوظيف والتجنيس وتشوش عليها. أمامنا بلد كبير وفرص عظيمة وقيادة بطموحات أكبر من أن نختصرها في تجاذبات من القرون الماضية.

 

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الوطن وحوارات الوطنية الوطن وحوارات الوطنية



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  -

GMT 01:21 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أخطاء تقعين فيها عند ترتيب مطبخكِ عليكِ تجنّبها
المغرب الرياضي  - رفض دعاوى

GMT 11:45 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

الدفاع الحسني الجديدي يستنكر التخريب

GMT 15:09 2023 الخميس ,02 آذار/ مارس

رغبة ميسي بالرحيل تحصر وجهته بين خيارين

GMT 20:23 2020 الثلاثاء ,15 كانون الأول / ديسمبر

"الكاف" يعين رضوان جيد وسميرالكزاز لمباريات قارية

GMT 20:17 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

طارق تسودالي أفضل هداف مغربي في أوروبا

GMT 16:58 2020 الخميس ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

نفاد 4.5 ملايين تذكرة للأولمبياد

GMT 03:13 2020 الأحد ,04 تشرين الأول / أكتوبر

بلاغ استنكاري من منخرطي نادي الرجاء الرياضي
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib