محاربة التحريض مسؤولية الدولة

محاربة التحريض مسؤولية الدولة

المغرب الرياضي  -

محاربة التحريض مسؤولية الدولة

عبد الرحمن الراشد


الوعي الجماعي عند عامة الناس موجود، الذين يستشعرون خطر خطاب الكراهية والتحريض وينفرون منه، يدركون أنه طريق تفكك المجتمع، ومدخل للاقتتال، إنما الإحساس بالخطأ لا يكفي بذاته لمنع الانحدار. وما حدث من تفجير مروع في بلدة القديح شرق السعودية، قتل وجرح فيه أكثر من مائة وعشرين من المصلين، فتح الجدل حول مسؤولية الكلمة، وخطورة المحرضين. المخطِّط هو تنظيم داعش الخارجي، لكن المتورطين في الجريمة سعوديون. لماذا فعلوها؟ ارتكبوها نتيجة استمرار دعوات التطرف ونشاطاته التي لم تتوقف رغم كل المحاولات. فالشباب السعودي الذي يلتحق بتنظيمات إرهابية في الداخل وفي سوريا والعراق واليمن هو نتاج الدعاية والنشاط الديني المتطرف، ونحن نتحدث عن آلاف منهم، وليس بِضْع عشرات. وليس مقبولا التبرير الذي يستعين به البعض بأن التطرف حالة دولية، وأن هناك آلافا أكثر من شباب الدول الأخرى أيضا متورطين.
تفجير البلدتين، القديح وقبله الدالوه، وعمليات قتل رجال الأمن في منطقة الرياض، عسى ألا تكون بدايات لحملة عنف جديدة مخطط لَهَا، تعيد المملكة إلى حرب الإرهاب التي واجهتها قبل عَشْر سنوات. حينها كانت الحكومة، وعدد من المؤسسات الثقافية، شنت حملة توعية كبيرة ضد المتطرفين، وتمّت ملاحقة دعاة الفكر والإنكار على من يواليهم وسجنت مشايخهم. ومع هزيمة «القاعدة»، ظن البعض أن الخطر انحسر، وانشغلنا بقضايا أخرى، لكن بوجود تنظيمات ضخمة مثل «داعش» قد تكون التفجيرات مجرد رأس جبل الجليد.
مشهد اليوم غير الأمس، حيث صارت التحديات أكبر وأخطر. الذي استجد أن المنطقة تموج بحروب معظمها ينتصر فيها الإرهابيون، في سوريا والعراق واليمن وليبيا. الأمر الآخر أن وسائل مخاطبة عامة الناس أصبحت خارج سلطة المؤسسات العامَّة والخاصة. منذ تلك الحرب استجدت وسائل التواصل الاجتماعي، بملايين المشاركين في «تويتر» و«فيسبوك» وغيرهما، ولم تعد الدولة تستطيع أن تغلق كل منصات التحريض والدعم للإرهاب من منابر مساجد ووسائل إعلام. اليوم «داعش» يتواصل مباشرة مع الناس، يرسل لهم أفكاره وخطبه وصوره ونشاطاته، وكل ذلك يحدث أمام نظر الحكومات.
هنا تكبر مسؤولية الحكومة، إن كانت تُرِيد حماية مجتمعها من التفكك والاحتراب. ليست المسؤولية أخلاقية على كتف الفرد بمحاربة الفكر المتطرف، ومواجهة خطاب التحريض، بل هي مسؤولية الدولة. وهذا ينطبق حتى في قضايا العنصرية التي تنتشر في المجتمع الرياضي نتيجة انتشار وسائل التواصل وكثرة الوسائل الإعلامية. عدم قيام الدولة بتصنيف العنصرية والطائفية ونحوهما جرائم يعاقب عليها القانون، يجعل ممارستهما هواية مسكوتا عليها. نحن نعيش في حالة حرب ضخمة، إقليمية وعالمية، عنوانها الإرهاب، وهي كلها مبنية على الفكر المتطرف. الدولة، بمفهومها اليوم، عليها مسؤولية ضمان السلم الأهلي، الذي يتطلب لا رفع مستوى الحماية فقط، بل محاربة مصادر الخطر، وهنا هي فكرية. التحريض وراء انضمام الشاب الانتحاري إلى جماعة متطرفة، وقيامه بجريمة تفجير المسجد في القديح، ولا يوجد سبب آخر. وطالما أن التحريض مستمر وانخراط جماعات في التكفير فإن الخطر يزداد، وهذا يشمل ظاهرة دعاة التطرف الشعبويين، الذين، بسبب «تويتر» و«فيسبوك» و«يوتيوب»، أصبحوا يزايدون على بعضهم بعضا في الذم والتكفير وأحيانا التحريض المباشر، اعتقادا منهم أن المزيد من التطرف والعدوانية يجلب لهم المزيد من الغاضبين والخائفين. عندما تضع الدولة قوانين صريحة تجرم التحريض، فإنها تحمي المجتمع وتحمي وجودها أيضا.

GMT 08:06 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

طوق النجاة لمباحثات الخرطوم

GMT 08:03 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

من قراءات الأسبوع

GMT 07:46 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 07:44 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

عيون وآذان (محمد بن زايد يعرف مصالح الإمارات)

GMT 07:42 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

قراءة نيابية في الموازنة قبل المجلس الدستوري

GMT 07:40 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

الإيماءات الدبلوماسية لن تحل المشكلة الإيرانية

GMT 07:38 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إرهاب إسرائيلي يؤيده ترامب)

GMT 07:36 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

سعد الحريري ورفض الأمر الواقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محاربة التحريض مسؤولية الدولة محاربة التحريض مسؤولية الدولة



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 11:45 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

الدفاع الحسني الجديدي يستنكر التخريب

GMT 15:09 2023 الخميس ,02 آذار/ مارس

رغبة ميسي بالرحيل تحصر وجهته بين خيارين
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib