المواجهة الآتية في المغرب

المواجهة الآتية في المغرب

المغرب الرياضي  -

المواجهة الآتية في المغرب

محمد الأشهب

إرجاء التئام الهيئات التقريرية لحزبي الاستقلال والإتحاد الاشتراكي المعارضين في المغرب، إلى ما بعد منتصف الشهر القادم، يحيل على توقعات قد يفصح عنها خطاب العاهل المغربي الملك محمد السادس لدى افتتاحه السنة الاشتراعية الجديدة. كونه الأول لما بعد انتخابات البلديات والجهات التي ميّزها اختراق كبير لحزب «العدالة والتنمية» الذي يتزعمه رئيس الحكومة عبدالإله بن كيران، مقابل تقهقر الحزبين المعارضين، واستثناء «الأصالة والمعاصرة» الذي يبدو أنه وجد كي «ينتصر».
مع أن صدمة سياسية كبيرة اعترت الحزبين اللذين قادا ائتلافات حكومية قبل الحزب الإسلامي، عندما كانا يتصدران المشهد السياسي، فاللافت أن تحالفهما الذي كان عنوان قوة، في فترة ازدهار «الكتلة الديموقراطية» في طريقه لأن يتبدد نهائياً، إن لم يكن بفعل تلويح «الاستقلال» بالعودة إلى بيت الطاعة، عبر ما يصفه بالتزام «المساندة النقدية» لحكومة عبدالإله بن كيران، فمن خلال تصدع جبهة المعارضة التي لم تفلح في التقليل من النفوذ المتزايد للإسلاميين.
غير أن أخطاء منهجية في إدارة الصراع السياسي، جعلت الحزب الذي يتلقى أكبر قدر من الضربات والانتقادات من خصومه الحقيقيين والمحتملين، يخرج من كل الاستحقاقات مرفوع الرأس، لا تزيده المعارك ذات الخلفيات الإيديولوجية إلا اكتساحاً. وإذ ينزع الاستقلال إلى نقل البندقية من كتف إلى آخر، إنما يؤكد أن الانضمام إلى الأفق الذي فتحه حزب «العدالة والتنمية» أفضل من معاكسة الرياح. وربما كان أجدى معاودة النظر في مسار التحالفات والرهانات، لأن أي حزب لا يستطيع أن يغرد خارج السرب ويضمن حضوراً على قدر تطلعات لا تتماشى مرحلياً مع ميول الناخبين.
وإذا كان تيار إسلامي أفاد من موجة الربيع العربي التي أهله زخمها إلى الصدارة في اشتراعيات العام 2011، وعرف كيف يتأقلم مع انكسار شوكة رفاقه الإسلاميين في بلدان عدة، فإن «العدالة والتنمية» المغربي أحدث استثناء لافتاً، أقله أنه يعتمد منهجية التغيير الديموقراطي عبر صناديق الاقتراع. وإنه لأمر مثير أن يستأثر حزب ذو مرجعية إسلامية ببلديات كبرى المدن السياحية والاقتصادية والتجاربة. فقد تنبه إلى المضاعفات الخطرة لاستخدام الخطاب الديني واستبدله بحزمة إصلاحات اجتماعية وجدت صداها في الشارع السياسي.
لم يتوقف عند إزاحة خصومه الذين راهنوا على خنقه، بل شملت معركته امتدادات أحزاب الحركة الوطنية التي كانت تستمد شرعيتها من تاريخها. ما يعني أن الناخبين المغاربة في طريقهم لأن يفرضوا توجهات لم تكن واردة في السابق، وضمنها التوازن القائم الذي يمنع أي حزب من الانفراد بالغالبية.
الرابح في نهاية المطاف أن المشهد السياسي وجد حليفاً من غير الهيئات الخارجة من رحم الإدارة، ومن غير مرجعيات الحركة الوطنية، في إمكانه أن يحقق وفاقاً جديداً، أقله أن ملفات عالقة في التدبير الاقتصادي والمالي أصبحت توضع على الطاولة. وإذ يقول رئيس الحكومة عبدالإله بن كيران أنه مضطر لاتخاذ إجراءات قاسية ومؤلمة، من أجل تصحيح أوضاع اقتصادية واجتماعية في قطاعات مختلفة، إنما يترجم القدرة على ملاسنة إشكالات كان الاقتراب منها يبعث على الخوف والتردد. ساعده في ذلك خطابه الإصلاحي الذي يفيد أن كلفة الإصلاحات اليوم ليس مثل مخاطر استمرار النزيف.
لم يطرح أي حزب سياسي قضية العلاقة والمؤسسة الملكية التي تعتبر من الثوابت، كما لوح بها «العدالة والتنمية». وفهم الآن أن ما كان يردده عبد الإله بن كيران بأنه غير مستعد للدخول في مواجهة مع القصر، كان يراد لترسيخ فكرة أن الإصلاح في إطار الاستمرارية ممكن. ولا يمكن تفسير ميول الناخبين إلى دعمه خارج هذا السياق. فيما شكل الموقف الي التزمته المراجع الرسمية لجهة ضمان السير العادي للمنافسات الانتخابية أفضل ضمانة شجعت الناخبين على الإدلاء بأصواتهم. كونها لم تعد تجير لأهداف تلميع الواجهة، بل إقرار خارطة سياسية أقرب إلى تمثل الواقع المحلي، وإن اختلفت التقويمات حول أسباب تراجع أحزاب وتقدم أخرى.
كثيراً ما شكت أحزاب المعارضة من أن الخرائط التي كانت «تصنع» في فترات تغييب الإرادة الشعبية، لم تكن حقيقية. واليوم تقف نفس الأحزاب أمام حقائق جديدة، تفرض عليها تغيير خطابها ومنهجية تعاطيها والتطورات الراهنة، إن هي رغبت في مسايرة التحولات الجديدة، فالاختراق الذي أحدثه «العدالة والتنمية» ليس مصدره أنه حزب أكثر تنظيماً وانضباطاً فحسب، ولكن ضعف خصومه ترك ثغرات عرف كيف ينفذ منها، وفي مقدمها أنهم جعلوا الحرب على الحزب الإسلامي قضية محورية، فيما اختار رئيس الحكومة أن تكون حرباً إصلاحية واجتماعية، من دون إسقاط إمكان التحالف مع أي شريك يسير على الطريق نفسه.

GMT 08:06 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

طوق النجاة لمباحثات الخرطوم

GMT 08:03 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

من قراءات الأسبوع

GMT 07:46 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 07:44 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

عيون وآذان (محمد بن زايد يعرف مصالح الإمارات)

GMT 07:42 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

قراءة نيابية في الموازنة قبل المجلس الدستوري

GMT 07:40 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

الإيماءات الدبلوماسية لن تحل المشكلة الإيرانية

GMT 07:38 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إرهاب إسرائيلي يؤيده ترامب)

GMT 07:36 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

سعد الحريري ورفض الأمر الواقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المواجهة الآتية في المغرب المواجهة الآتية في المغرب



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 03:39 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

عناد فوزي لقجع

GMT 11:45 2019 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

بلاك آرمي تحذر جماهير الجيش من الشغب

GMT 22:21 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

5 وضعيات للجماع تعد الافضل لمنطقة الأرداف

GMT 16:08 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

لارغيت وفتحي جمال يتابعون مباراة المغرب وناميبيا

GMT 13:51 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

لاعبو "المغرب الفاسي" يعودون إلى التدريبات الجمعة

GMT 14:07 2017 الثلاثاء ,18 تموز / يوليو

ناديه الإيفواري رزاق سيسيه من حق الزمالك
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib