الطنز الكيراني

الطنز الكيراني

المغرب الرياضي  -

الطنز الكيراني

بقلم : رشيد نيني

إن جميع قوانين المالية التي وضعتها حكومة بنكيران طيلة مدة ولايتها المنتهية، كانت تستهدف الطبقات الوسطى والفقراء بفرض المزيد من الضرائب والرسوم على المواد الاستهلاكية بالخصوص، مقابل منح امتيازات ضريبية غير مسبوقة لرجال الأعمال و«الباطرونا». وخلافا لما وعدت به الحكومة بالعمل على توسيع الوعاء الضريبي، واستهداف مختلف الفئات بالضرائب، من خلال القطع مع منطق الإعفاءات الضريبية، والالتزام بخلاصات المناظرة الوطنية حول الإصلاح الجبائي، والتي تقرر خلالها عدم السماح بأي إعفاء في المستقبل، عملت الحكومة بشعار «عفا الله عما سلف» بالنسبة للأغنياء، باستمرار العمل بالامتيازات الممنوحة للأغنياء الكبار في الميدان الضريبي، نتج عنه تخليها عن 3600 مليار من الضرائب.

لكنها في مقابل هذا الكرم الحاتمي مع الأغنياء فرضت ضرائب جديدة على الفقراء، وبدأ تهافت الحكومة على توسيع الوعاء الضريبي من خلال استهداف مختلف الفئات الهشة بمن فيها التجار الصغار أصحاب «الحوانيت» وبائعو «الزريعة» بالأحياء الشعبية، ورفعت من قيمة الضرائب على النقل عبر الطرق السيارة والنقل السككي، والزيادة في الضريبة على جميع المواد الاستهلاكية الأساسية التي تدخل في نطاق القوت اليومي للفقراء وتشكل وجباتهم الغذائية الرئيسية، من القطاني والحليب والشاي والسكر والزيت، فيما رفضت، وهي الحكومة التي يقودها حزب يفتخر بمرجعيته الدينية، الزيادة في الضرائب المفروضة على الكماليات من قبيل الخمور والمشروبات الكحولية و«السيكار» والمجوهرات واليخوت والسيارات الفاخرة.

والمثير للاستغراب كذلك أنه عوض رفع الضريبة على كبار المضاربين العقاريين، وفرض الضريبة على الشقق المبنية غير المستعملة في السكن، للتشجيع على بيع وكراء الشقق، فرضت الحكومة ضريبة جديدة على السكن الشخصي، من خلال تحديد مبلغ المساهمة الاجتماعية للتضامن المترتبة على ما يسلمه الشخص لنفسه من مبنى معد للسكن الشخصي، لكل وحدة سكنية، وتبتدئ بشكل تصاعدي من مبلغ 50 درهما لكل متر مربع بالنسبة للمنازل التي تتراوح مساحتها ما بين 151 و200 متر مربع، لتصل إلى 400 درهم لكل متر مربع بالنسبة للمباني التي تفوق مساحتها 500 متر مربع، وفي الدقيقة تسعين من نهاية عمر الولاية الحكومية، منح بنكيران هدية ثمينة للمنعشين العقاريين على حساب المواطنين الراغبين في اقتناء قبر الحياة، وخاصة بالعمارات المشتركة، من خلال إدخال تعديلات على القانون رقم 18.00 المتعلق بنظام الملكية المشتركة للعقارات المبنية، وتم تمرير هذا القانون من تحت الطاولة، ونشر بالجريدة الرسمية يوم 16 ماي الماضي، والهدف من هذا القانون هو الرفع من مداخيل الضرائب من جهة وإغناء المنعشين العقاريين من جهة أخرى، بعد الركود الذي عرفه قطاع العقار. فقد سمح هذا القانون، بعد شهر فقط من الشروع في تطبيقه، في توفير مداخيل وأرباح إضافية للمنعشين العقاريين تقدر بمئات الملايين، فقط بجرة قلم في كل مشروع صغير، لأنه سمح لهم بالتلاعب بالمساحات داخل أجزاء الملكية المشتركة.

كما مررت الحكومة قانونا آخر هدية لكبار المنعشين والمجزئين «أصحاب التجزئات العقارية»، ويتعلق الأمر بقانون بيع العقارات في طور الإنجاز، بعد صعوبة تطبيق القانون الحالي منذ أزيد من 10 سنوات مضت.

كما عملت الحكومة، وبضغط من «ولد العواوشة»، على تقديم هدية سمينة إلى لوبيات مقالع الرمال، بتخفيض الضرائب المفروضة على استخراج الرمال من الكثبان الساحلية ورمال الجرف ورمال الوديان من 50 إلى 25 درهما للمتر المكعب، وتخفيض الرسم المفروض على رمال التفتيت المستخرجة من المقالع من 20 إلى 10 دراهم للمتر المكعب.

وعوض تحسين وضعية المدارس العمومية التي يدرس بها أبناء الفقراء، قام بنكيران بتحسين وضعية المدارس الخاصة التي توجد في ملكيته وملكية أعضاء حزبه، الذين أصبحوا من كبار المستثمرين في التعليم الخصوصي، الذي يقابله استمرار تدهور التعليم العمومي. وصدرت مؤخرا إحصائيات صادمة حول إغلاق ما يزيد عن 200 مدرسة، فضلا عن تفويت مؤسسات تعليمية عمومية إلى أصحاب «الشكارة» مع بداية الموسم الدراسي الحالي، والنتيجة هي تكديس 70 تلميذا في الفصل الواحد، وفي قطاع التعليم العالي، أهم ما قام به وزير العدالة والتنمية، لحسن الداودي، هو الترخيص للجامعات الخاصة والاعتراف بالشهادات التي تمنحها لزبنائها، مقابل ضرب الجامعات العمومية التي يدرس بها أبناء الفقراء، كما فتح قطاع الصحة في وجه أصحاب «الشكارة» للاستثمار التجاري، وبالمقابل منحت لثمانية ملايين فقير بطاقة «التمرميد» داخل المستشفيات العمومية، بسبب تراكم الديون المترتبة على الحكومة وتقدر بحوالي 10 ملايير درهم، وأصبح نظام «راميد» مهددا بالإفلاس وعدم تلبية المستشفيات لحاجيات الحاصلين على بطاقة التطبيب المجاني.

كما أن إدريس الأزمي الإدريسي، الوزير «البكاي» السابق المكلف بالميزانية والقيادي بحزب العدالة والتنمية، عارض بشدة فرض ضرائب جديدة على الأغنياء، كما أشهر «الفيتو» ضد كل التعديلات المقترحة للزيادة في الضريبة على ثروة الأغنياء، والتي تسمى بالضريبة على «الدخول والأرباح الناتجة عن الثروة»، ورفض الزيادة في الضريبة على الشركات الكبرى التي تحتكر استغلال الثروات الأرضية. وبرر الأزمي هذا الرفض بكون فرض الضريبة على ثروة الأثرياء ستكون له آثار سلبية على الجانب الاستثماري بالمغرب، ومن شأن فرض هذه الضريبة التشجيع على التملص الضريبي مما سيؤثر على موارد خزينة الدولة، وأثبت فعلا أن الحكومة تحمي هذه الطبقة مقابل الزيادة في الضرائب التي تمس الطبقات المتوسطة والفقيرة.

ولو كان رئيس الحكومة المعين جادا في تحقيق العدالة الاجتماعية، مثلما ادعى في قبة البرلمان، لكان أول قرار طبقه منذ وصوله إلى سدة الحكم، هو تطبيق الضريبة على الثروة مثلما صنع الرئيس الفرنسي الاشتراكي فرانسوا ميتران بمجرد وصوله إلى الحكم.
فإذا كان من حق الأغنياء أن يسمنوا ثرواتهم، فإنه من حق الدولة أن تأخذ ضريبة على هذا التسمين.

الرئيس الفرنسي لم يفرض فقط ضريبة على الثروة بل ضريبة على علامات الثراء الظاهرة، فإذا كان من حق الأثرياء أن يتبجحوا بثرواتهم وأن يلبسوا ساعات الماس والذهب، ويركبوا سيارات «الفيراري» و«لومبرغيني»، ويقيموا لأبنائهم الأعراس بمأكولات مجلوبة من الخارج، فإن من حق الدولة أن تردعهم بهذه الضريبة حفاظا على السلم الاجتماعي، فالحقد الطبقي هو أحد أكبر أعداء الاستقرار في أي بلد.

وعندما يشاهد الفقراء كل هذا النعيم الذي يرفل فيه الأثرياء دون أن يكونوا قادرين على تلبية مطالب أبنائهم الأساسية، فإن منسوب الشر يرتفع ويكثر معه السطو وسائر الجرائم.

ولذلك أقر الرئيس الفرنسي الاشتراكي هذه الضريبة، لكي يدفع الأثرياء إلى إخفاء معالم ثرائهم حتى لا يستفزوا مشاعر الطبقات الفقيرة.

عندنا في المغرب أصبح استفزاز الأغنياء للفقراء رياضة وطنية، فكل من استطاع أن يتسلق السلم الاجتماعي ونجح في التسلل الطبقي، ومنهم وزراء في حزب بنكيران، يفكر أول ما يفكر فيه في استعراض ممتلكاته على الناس، وهذا ما يسمى الغنى الفاحش، وهذا الفحش يجب أن يتوقف، والطريقة الوحيدة لإيقافه هي فرض الضريبة عليه. «وديك الساعة شوف واش باقي شي خانز فلوس غادي يقدر يتفطح على عباد الله».

لكن السيد بنكيران يستأسد فقط على الطبقة المتوسطة وطبقة الفقراء، أما الأغنياء فإنه أعطاهم منذ تسلمه السلطة، التي يتهرب من تحمل مسؤوليتها، ليس فقط شبرا بل أشبارا من «التيساع».

إن الخوف من الفقر والطمع في الاغتناء هو ما يدفع الكثير من سكان الطبقة الوسطى إلى اللجوء إلى كل الوسائل الكفيلة بتحقيق طموحهم وطرد هواجسهم، بما في ذلك الوسائل غير النظيفة، وهذا ما يفسر «تربع» المغرب على سلم الفساد والرشوة وباقي الآفات الاجتماعية التي ينتجها الطامعون في الثروة من أبناء هذه الطبقة المتوسطة. لهذا السبب لدينا طبقة وسطى كل هم بعض أبنائها هو الالتحاق بطبقة الأثرياء والركض أكثر ما يمكن بعيدا عن طبقة الفقراء.

رئيس الحكومة يعرف أن هذه الطبقة هي الضرع الطبيعي الذي يجب حلبه كما ينبغي. وبقدر ما يتعرض هذا الضرع للحلب يدر المزيد، لأن المحرك المدر للحليب عنده هو الخوف من الفقر والطمع في الثروة.

والطماع لا يقضي عليه سوى الكذاب. والسياسيون بارعون في الكذب. أليست السياسة، كما قال «بول فاليري»، هي فن مشاغلة الناس عما يهمهم بالكذب عليهم؟
وهذا بالضبط ما يصنعه بنكيران عندما يعد الشعب بإعادة تقسيم الثروة.

GMT 05:05 2017 الثلاثاء ,06 حزيران / يونيو

حتى أنت يا مصيطيفة

GMT 05:06 2017 السبت ,03 حزيران / يونيو

الدرهم العائم

GMT 06:18 2017 الخميس ,01 حزيران / يونيو

يتيم في العيد

GMT 06:30 2017 الثلاثاء ,30 أيار / مايو

عادات سيئة

GMT 05:40 2017 السبت ,27 أيار / مايو

ولاد لفشوش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الطنز الكيراني الطنز الكيراني



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  -

GMT 01:21 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أخطاء تقعين فيها عند ترتيب مطبخكِ عليكِ تجنّبها
المغرب الرياضي  - رفض دعاوى

GMT 19:26 2021 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

شتوتجارت يكتسح أوجسبورج برباعية في الدوري الألماني

GMT 18:34 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

البنزرتي يُؤكِّد عودته للوداد رغم المشاكل التي يُعانيها

GMT 13:37 2018 الأحد ,21 تشرين الأول / أكتوبر

مدرب الوداد يستدعي الكوثري لمواجهة مولودية وجدة

GMT 14:24 2013 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

توفيق اجروتن لم يلتحق بفريق "الأمل"

GMT 23:53 2018 السبت ,28 إبريل / نيسان

سيباستيان فيتل يسجل أسرع زمن في" فورمولا1"

GMT 02:55 2014 الأحد ,05 تشرين الأول / أكتوبر

يوسف العربي يتألق ويسجل ضد مالقة رغم الخسارة

GMT 16:41 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

المغرب الفاسي يفوز على أمل الوداد وينفرد بالصدارة

GMT 02:20 2015 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

إيقاف مهاجم "المغرب التطواني" بورزوق لمدة ست مباريات

GMT 09:40 2014 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"مانيونايتد" يلتقي "السيتيزن" في صراع السباق على الصدارة

GMT 06:23 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

أرقام مهمة قبل مباراة أرسنال والسيتي

GMT 03:18 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

روبن أموريم يُؤكد أنه لا يعرف مستقبل راشفورد مع يونايتد

GMT 05:57 2025 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

هانزي فليك يُعبر عن شعوره بالفخر و سعادته الكبيرة

GMT 00:25 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

المتأهلون الأربعة في انتظار قرعة كأس الملك اليوم
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib