وصية اليوسفي

وصية اليوسفي

المغرب الرياضي  -

وصية اليوسفي

بقلم - جمال بودومة

الأحد المقبل تحل الذكرى الـ”20″ لإحدى أشهر الصفقات السياسية في المغرب المعاصر، والتي سميت بـ”التناوب التوافقي”. اتفاق تاريخي يشكل مفتاحا لفهم الوضع السياسي الراهن، رغم أننا لا نعرف كل كواليسه، لكننا نعرف أنه وضع حدا لأربعين عاما من الصدام المفتوح بين القصر والمعارضة. ولتنوير الأجيال الجديدة، حين نتحدث عن “المعارضة” على عهد الحسن الثاني، فإننا نقصد ما كان يعرف بـ”الأحزاب الوطنية”، وفي مقدمتها “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية” و”الاستقلال” و”التقدم والاشتراكية”، بالإضافة إلى “منظمة العمل الديمقراطي الشعبي”، التي اختارت عدم المشاركة في “حكومة التناوب” مع “الاتحاد الوطني للقوات الشعبية”، وكل هاته الأحزاب كانت تشكل تجمعا اسمه “الكتلة الديمقراطية”، وليعذرني من وجد أنني أبالغ في استعراض “البديهيات”، لقد مرت عشرون سنة على الأحداث، والأجيال الجديدة لم تعد تفرق بين “الاتحاد الاشتراكي” و”الاتحاد الدستوري”، وهذه أيضا إحدى النتائج المباشرة لـ”صفقة القرن” بين اليوسفي والحسن الثاني!
“التناوب التوافقي” كان يصبو إلى تحقيق هدفين: انتقال هادئ للحكم من الملك إلى ولي عهده، وانتقال سلس للسلطة من الاستبداد إلى الديمقراطية. الهدف الأول تحقق، والثاني فشل. مات الملك، يعيش الملك. الحكم انتقل من الحسن الثاني إلى محمد السادس بسلاسة أدهشت العالم. انتقاد سجل الحسن الثاني في انتهاكات حقوق الإنسان كان رياضة شعبية، لكن جنازته تحولت إلى حدث غير مسبوق، حضرها قادة الدول العظمى، يتقدمهم الرئيس الأمريكي بيل كلينتون. نسي الجميع من شيّد تازمامارت وأگدز وقلعة مگونة، واحتجز عائلة أوفقير، ونسوا ضحايا الانتفاضات الشعبية والاغتيالات السياسية، ليتذكروا السياسي الحكيم، الذي استطاع أن يترك لابنه بلدا مستقرا، جاهزا للدخول إلى الألفية الجديدة. وعندما أقال المغفور له إدريس البصري، ورفع الحصار عن الراحل عبدالسلام ياسين، وأعاد المرحوم أبراهام السرفاتي إلى بلاده، لم يكن محمد السادس يفعل شيئا آخر غير الضغط على “اكسيليراتور” السيارة، التي وضعها الحسن الثاني على طريق معبّد في اتجاه “الديمقراطية”، لكن بدل أن تواصل السير على “الأوتوروت”، انحرفت فجأة، وسارت في اتجاه المجهول.
عام 2002، رغم أربع سنوات من المشاركة في السلطة، استطاع “الاتحاد الاشتراكي” أن يحتل المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية، وفي الوقت الذي كان الجميع يترقب تثبيت اليوسفي على رأس الوزارة الأولى لتسريع وتيرة الإصلاحات، استقبله الملك في مراكش لمدة ربع ساعة وقال له: “شكرًا على المشاركة”… والبقية تعرفونها.
لماذا فشل “التناوب التوافقي”؟ البعض يحمل المسؤولية لحزب “الاستقلال”، الذي دخل في تنافس “صبياني” مع “الاتحاد الاشتراكي” حول الوزارة الأولى بعد انتخابات 2002، مما أجبر القصر على اختيار حل وسط يقضي بتسليم المنصب لشخصية مستقلة، هي إدريس جطو، مع حفظ نصيب الحزبين من الحقائب. من عايشوا تلك الحقبة يتذكرون شعار “آمولا نوبة”، الذي رفعه “الاستقلال”، مقدما تأويلا خاصا جدا لـ”التناوب”، الذي يعني بالنسبة ‘لى ورثة بوستة “التناوب” على الوزارة الـولى بين وريثي الحركة الوطنية. وقد أقام الاستقلاليون الدنيا ولم يقعدوها كي يحل أمينهم العام الجديد حينها، عباس الفاسي، مكان عبدالرحمان اليوسفي دون جدوى. “بقاو شد لي نقطع ليك كلها باغي جطو حتى نزل عليهم جطو ديال بصح”!
وهناك من يرى أن ما يسمى بـ”القوة الثالثة” ضربت من جديد، مثلما صنعت عام 1960 مع حكومة عبدالله إبراهيم. أي إن الخاسرين من تصالح “الحركة الوطنية” مع الملكية، دخلوا على الخط كي يفسدوا التقارب ويطردوا اليوسفي من الحكومة.
في كل الأحوال، المخزن براغماتي ولا يعتبر نفسه مجبرا على الوفاء بتعهداته، إذا لم يضطر إلى ذلك، لأنه لا يعترف إلا بـ”ميزان القوى”. وحزب “القوات الشعبية” لم يعد يخيف أحدا، بعدما تشتت له “الحمص” على أبواب الوزارات. بلع اليوسفي خيبته وذهب إلى بروكسل، حيث ألقى خطابه الشهير في نهاية فبراير 2003، وهو بمثابة وصية سياسية شديدة الوضوح:
“لقد كان قبولنا بقيادة تجربة التناوب مخاطرة أخذنا فيها في الحسبان المصلحة الوطنية وليس المصلحة الحزبية. واليوم، وقد انتهت هذه التجربة بدون أن تفضي إلى ما كنا ننتظره منها، بمعنى التوجه نحو الديمقراطية عبر خطوات تاريخية إلى الأمام، التي ستشكل قطيعة مع ممارسات الماضي، فإننا نجد أنفسنا مرة أخرى أمام متطلب وطني يلزمنا بالانتظار سنتين، على أمل أن نرى إمكانية تحقق الحلم في انتقال هادئ وسلس نحو الديمقراطية، ونتمنى أن لا نفقد في المستقبل القريب ملكة الحلم والقدرة عليه”.
انتهى الكلام، على رأي عبدالإله بنكيران، الذي زلق على “قشرة بنان” مماثلة في سياق مختلف، أكثر من عشر سنوات بعد ذلك. وبذلك خرج اليوسفي من السياسة ودخل التاريخ.

 

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وصية اليوسفي وصية اليوسفي



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  -

GMT 01:21 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أخطاء تقعين فيها عند ترتيب مطبخكِ عليكِ تجنّبها
المغرب الرياضي  - رفض دعاوى

GMT 13:45 2021 الجمعة ,08 تشرين الأول / أكتوبر

البنزرتي يوضح تفاصيل تضييع الوداد الفوز بلقب العصبة

GMT 14:46 2023 الأحد ,21 أيار / مايو

بول بوغبا يؤكد أن يوفنتوس سيعود أقوى

GMT 18:42 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

بيب غوارديولا يُعلق على مقارنة هالاند بميسي

GMT 03:17 2023 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

جامعة الكرة تعلن موعد إجراء قرعة إقصائيات كأس العرش

GMT 05:11 2022 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

كريم بنزيما أفضل لاعب في العام جلوب سوكر 2022

GMT 10:20 2022 الأربعاء ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد صلاح يتصدّر النجوم العرب الغائبين عن كأس العالم 2022

GMT 08:20 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

مدرب مانشستر يونايتد يوضح برنامجه خلال كأس العالم

GMT 13:30 2022 الإثنين ,10 تشرين الأول / أكتوبر

برشلونة يواصل إغراء ميسي بالعودة

GMT 22:23 2022 الأربعاء ,15 حزيران / يونيو

جماهير الأهلي تهاجم المغربي بدر بانون بسبب الوداد

GMT 09:38 2021 الأحد ,24 تشرين الأول / أكتوبر

المغرب الفاسي يفوز على ضيفه الدفاع الجديدي3-0

GMT 09:41 2021 الثلاثاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

فريق شبيبة القبائل يتوصل إلى حل لدخول الأراضي المغربية
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib