«العصا والبندير»

«العصا والبندير»

المغرب الرياضي  -

«العصا والبندير»

بقلم - جمال بودومة

قبل أن يموت الحسن الثاني وتتغير البلاد، كان «عيد العرش» يأتي كل عام في الثالث من مارس، ويغسل المدن بالأضواء والاستعراضات، ويملأ التلفزيون بالأغاني وقصائد المديح. كلهم كانوا يأتون إلى «دار البريهي»، من عبد الوهاب الدكالي إلى عبد الهادي بلخياط، مرورا بنعيمة سميح ومحمود الإدريسي وعبد المنعم الجامعي ومحسن جمال والبشير عبدو، وقبلهم إسماعيل أحمد وأحمد البيضاوي ومحمد الطنجاوي وأحمد الطيب لعلج والطيب الصديقي… واللائحة طويلة. مغنون وملحنون ومسرحيون وكتاب كلمات يحولون برامج التلفزيون إلى سهرات لا تنتهي، تتخللها قصائد مديح يلقيها شعراء مقطبو الجبين، يضعون ربطات عنق نادرا ما تكون متناسقة مع بذلاتهم السخيفة. أحيانا يتوج الاحتفال بما كان يعرف بـ«الملحمة»، وهي مسرحية استعراضية يشارك فيها عدد هائل من الفنانين، لا يتوقفون عن التهليل والصراخ لمدة ثلاث ساعات أو أكثر. لتلك الأيام عناوين محفوظة في الذاكرة: «حبيب الجماهير»، «نداء الحسن»، «يا صاحب الصولة والصولجان»، «وطني يا شمس وضوّات»، «هللي يا ربوات الأطلس الحر»، وملحمة «نحن» و«العهد»… وغيرها من «تحف» تلك السنوات البائدة، أيام كان المغاربة شعبا «تفرقه العصا ويجمعه البندير»!

كانت الاحتفالات بعيد العرش «سنة مؤكدة»، وطقسها يختصر أسلوب الحكم في البلاد. كل مؤسسات الدولة مجبرة على التعبير عن فرحتها بـ«اعتلاء الملك عرش أسلافه المنعمين»، حسب العبارة الخشبية التي يتفنن في ترديدها مصطفى العلوي وزملاؤه. عرس حقيقي تمتد أفراحه إلى كل مفاصل الدولة والمجتمع، بما فيها المؤسسات التعليمية. كانت المدارس تبدأ استعداداتها في وقت مبكّر من الموسم الدراسي. التلاميذ المشاركون في الاحتفالات يحظون بامتيازات ليست لغيرهم، من بينها الإعفاء من الدروس، كأنهم جنود متطوعون في الصحراء.


 
بفضل تلك الأجواء، حفظنا ريبيرتوارا ضخما من الأغاني، وأثرينا معجمنا بمفردات خطيرة مثل «السؤدد» و«الأهازيج» و«الميامين»، و«بزغ العلا» و«قرّ عينا»… ويمكن اعتبار الإبداعات التي كانت تواكب «عيد العرش المجيد»، أيام الحسن الثاني، بمثابة الامتداد الفني لسنوات الجمر.

لحسن الحظ أن مهندسي «العهد الجديد» فهموا أن عصر «أعطه مائة دينار» ولى إلى الأبد، وأن المديح الفج لا مكان له في القرن الواحد والعشرين. بمجرد ما وصل محمد السادس إلى الحكم أوقف المهزلة. هكذا أعلن التلفزيون هدنة على المشاهدين، بعدما أعطيت التعليمات بإيقاف ما يسمى بـ«الأغاني الوطنية» وقصائد التبجيل، وتفرق المداحون شذر مذر. ما عادوا يذهبون إلى «دار البريهي» في المناسبات الوطنية والدينية كي يضحكوا على ذقون المشاهدين. لكن «لحاسي الكاپة» لم يختفوا تماما من المشهد، بل أعادوا الانتشار، وظلوا يترقبون أول فرصة كي يستأنفوا «أعمالهم العدائية»…

ولأن هذا النوع من «الإبداعات» يرتبط بمرحلة مظلمة من تاريخ المغرب، وضع الكثيرون أيديهم على صدورهم وهم يكتشفون أغنية «سيدنا سيدنا» التي اقترفها عبد العزيز الستاتي وبثها على «يوتوب» الأسبوع الماضي. وتساءل عشاق الفنان الشعبي الموهوب عن السبب الذي دفع ملك «الجرة» إلى مدح ملك البلاد بـ«كليب» سخيف يتنافس به مع حاتم إيدار وسعد لمجرد!

في الواقع، لم تكن تنقص إلا طلعة الستاتي «البهية» لمواكبة العودة إلى ممارسات الماضي، والأجواء المشحونة التي تعيشها البلاد منذ عدة أشهر، من محاكمة شباب الريف، إلى اعتقال نشطاء جرادة، مرورا بتقلص هامش حرية التعبير، ووصولا إلى منع نشاط الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في بني ملال… المغاربة يؤمنون بـ«النحس»، ويعتقدون أن له وجها في بعض الأحيان!

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«العصا والبندير» «العصا والبندير»



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  -

GMT 01:21 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أخطاء تقعين فيها عند ترتيب مطبخكِ عليكِ تجنّبها
المغرب الرياضي  - رفض دعاوى

GMT 20:35 2018 السبت ,14 تموز / يوليو

4 ساعات جوا في رحلة الوداد إلى كوناكري

GMT 20:23 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

معلومات مهمة لعشاق رونار

GMT 10:49 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

عطب إداري

GMT 10:33 2017 الإثنين ,10 إبريل / نيسان

عين العدل

GMT 15:48 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

مدرب ليستر سيتى يشيد بالجزائري رياض محرز

GMT 09:13 2017 الأربعاء ,12 إبريل / نيسان

برامج الطبخ بين الفائدة والتسلية

GMT 11:29 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

أسود هولندا وحراك الريف

GMT 14:42 2019 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

عموتة يرخص للاعبي بركان بمغادرة تجمع المحليين

GMT 00:42 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أمبارك بوصوفة يهدي تأهل المغرب لمونديال روسيا للجماهير

GMT 05:09 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

رضوان جيد حكما لمباراة الكوكب والفتح الرباطي

GMT 06:49 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

الغموض يلف مستقبل كوندي مع الفتح الرباطي

GMT 20:46 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

اتحاد طنجة يفرض التعادل على الجيش الملكي
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib