سوريا «سفر برلك» جديد

سوريا... «سفر برلك» جديد؟

المغرب الرياضي  -

سوريا «سفر برلك» جديد

مصطفى فحص
بقلم : مصطفى فحص

يُتقن وليد جنبلاط فن التعامل مع الرسائل السياسية، خصوصاً تلك التي تصله عبر بريد النظام السوري المتعدد الأشكال والأوجه، والتي يستخدمها كعادته في تحذير خصومه مباشرة، أو تهديدهم عبر وكلائه، والمعروف أن دمشق تحترف استخدام القسوة في رسائلها الدموية من المجازر إلى الاغتيالات، ولأن الأخيرة غير متاحة حتى الآن في لبنان، تلجأ إلى الاغتيالات الجماعية - الإبادة - إما مباشرة، كما تتصرف مع الشعب السوري منذ استيلاء «البعث» على الحكم لترهيبه، وإما بأساليب غير مباشرة عبر أدواتها، كما حدث مع دروز جبل العرب، ومحاولات ترغيبهم وتطويعهم. ولكن منذ ظهور «داعش» وأخواتها، توفرت للنظام أدوات ممتازة لضرب الثورة وإدانة رموزها وتشويه شعاراتها، كما استخدمت هذه الجماعات المتطرفة في الضغط على دول الجوار، خصوصاً لبنان، الذي يتأثر مباشرة في لعبة الترهيب التي تطال من وقف وما زال إلى جانب الشعب السوري، والترغيب الذي تستخدمه في تطويع الجماعات الإثنية والدينية وجرّها إلى معسكر الأسد الذي يرفع شعار حِلف الأقليات وحمايتها.

في مجزرة السويداء، التقط الزعيم الدرزي وليد جنبلاط الإشارة كعادته وأحسَّ بخطورتها، ومدى انعكاساتها السلبية على دروز سوريا ولبنان وعلاقتهم مع الجماعات الوطنية الأخرى، خصوصاً الأغلبية، وقلقه المبكر من خطورة استدراج الدروز إلى شبكات صيد النظام من أجل الإيقاع بهم، ومن ثم استخدامهم في مواجهة شركائهم في الوطن، فعمل جنبلاط على تعطيل مشروع النظام منذ انطلاق الثورة السورية، وتفكيك شباكه بهدف تحييد دروز جبل العرب قدر المستطاع عن أتون الحرب السورية، رغم العقبات الكبيرة التي وضعها النظام عبر مُوالين له داخل البيئة الدرزية التي حاولت مصادرة قرار الدروز السياسي والعسكري، وجزّهم في معركة النظام ضد الشعب السوري.

في مدينة عبيّة في جبل لبنان، جدد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أمام حشد كبير من أبناء طائفته وشيوخها، أثناء قيامهم بأداء صلاة الغائب على أرواح ضحايا السويداء، تمسكه بموقفه من النظام السوري ورئيسه، ومرر رسالة واضحة لأصدقائه الروس بأن سوريا ليست الشيشان، ولعل جنبلاط يريد تذكير سيد الكرملين بأن تطبيق تجربة الحرب الشيشانية في سوريا مستحيلة، وبأن القوة الغاشمة تستطيع أن تحقق انتصاراً مؤقتاً، وبأن عوامل الجغرافيا والدمغرافيا تختلف كلياً مع سوريا، فالشعب السوري ليس معزولاً، كما الشعب الشيشاني، أو محاصراً إثنياً ودينياً كما تحاصر روسيا شعوب شمال القوقاز، فروسيا التي تتدخل في سوريا، وتفرض عليها نظاماً أقلَّوياً غير قابل للاستمرار، حيث حجم الجريمة التي ارتكبها بحق شعبه تقضي على كل مشاريع إعادة تعويمه، فالقابع في قصر المهاجرين بات بقاؤه مرهوناً بوجود الطائرات الروسية تحلق فوق قصره، واستمرار المرتزقة الإيرانية في الوقوف على بابه لحمايته.

ليس سهلاً إقناع الدروز بالخدمة في جيش النظام، فالذاكرة الجماعية للمواطنين في بلاد الشام لم تزل تعاني من الويلات التي تسبب بها نظام التجنيد الإجباري الذي طبقه الأتراك على سكان بلاد الشام عشية الحرب العالمية الأولى، والمعروف بـ«سفر برلك»، إضافة إلى رفضهم الكامل لتجربة «سفر برلك الشيعي» الذي طبقه الجنرال قاسم سليماني عبر الميليشيات الشيعية التي جلبها إلى سوريا للدفاع عن النظام، وفي موازاة ذلك لن يكون صعباً على الدروز هذه المرة رفض «سفر برلك» جديد بنسخته الروسية، حيث تحاول موسكو فرض التجنيد الإجباري على أبناء جبل العرب لتغطية حاجة جيش النظام الملحة للعديد، فالدروز الذين نجحوا نسبياً في حماية مناطقهم، والتمتع بشبه إدارة ذاتية، رفضوا الخدمة العسكرية مع النظام، ودفع الشيخ وحيد البلعوس حياته ثمن دفاعه عن هذا القرار فتم اغتياله 2015. واللافت أن عملية «داعش» في السويداء تزامنت مع فشل جنرالات روس وممثلين عن النظام في إقناع عشرات آلاف الشباب الدروز بالالتحاق بجيش النظام، وهو في إطار استعداده لمعركة إدلب، فلجأ النظام كعادته إلى الترهيب بعد فشل الترغيب، فظهر «داعش» في اللحظة التي تحتاجها مصالحه ومصالح حُماته، وهذا ما دفع جنبلاط إلى الإشارة مباشرة إلى الروس في خطابه حيث قال: «لقد بقيت هناك شعرة معاوية بيننا وبين الروس، ولكن نريد من هذه العلاقة أن تكون ضماناً لأهل الجبل، وأن يبقوا في الجبل، وألا يستخدمهم الأسد وقوداً من أجل مآربه». 
جنبلاط المؤمن بالحتمية التاريخية وحق الشعوب، يواجه خصومه هذه المرة صعوبة في انتزاع اعتراف بانتصارهم المؤقت.

 

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سوريا «سفر برلك» جديد سوريا «سفر برلك» جديد



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  -

GMT 01:21 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أخطاء تقعين فيها عند ترتيب مطبخكِ عليكِ تجنّبها
المغرب الرياضي  - رفض دعاوى

GMT 07:48 2016 الأربعاء ,08 حزيران / يونيو

مجموعة من لاعبي الوداد مرشحون لمغادرة الفريق

GMT 13:31 2021 الثلاثاء ,29 حزيران / يونيو

بعد وداع اليورو زيدان يقترب من تدريب منتخب فرنسا

GMT 03:33 2021 الجمعة ,26 آذار/ مارس

اللافي يحرز ثنائية في خسارة ليبيا من تونس

GMT 19:44 2021 الأربعاء ,24 شباط / فبراير

احتمال رحيل زكريا لبيض عن الأجاكس

GMT 23:20 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

الوداد يستعيد نجمين بارزين قبل العودة للدوري الاحترافي

GMT 23:08 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

5 غيابات للوداد أمام الدفاع الجديدي

GMT 22:45 2020 الثلاثاء ,29 أيلول / سبتمبر

التونسي حمزة المثلوثي ينضم لكتيبة الزمالك

GMT 12:53 2020 الخميس ,10 أيلول / سبتمبر

غياب مهم للجيش الملكي أمام الوداد

GMT 21:22 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

زيدان يكشف أسباب رحيل حكيمي

GMT 19:01 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

أشرف حكيمي يوافق على الانتقال إلى إنتر ميلان

GMT 18:50 2020 الجمعة ,15 أيار / مايو

ليفربول يعلن وفاة طبيب سابق في الفريق
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib