أصيلة حالة استثنائية في بلد استثنائي

أصيلة حالة استثنائية.. في بلد استثنائي

المغرب الرياضي  -

أصيلة حالة استثنائية في بلد استثنائي

خيرالله خيرالله

لا تزال أصيلة من الأماكن القليلة في العالم العربي التي يقال فيها كلام حقيقي مرتبط بالواقع العربي، بل مرآة له بعيدا عن أي محاولة للهرب من المأساة التي نعيشها.
في البدء، جاء السؤال الذي يطرحه موسم أصيلة لهذه السنة، وهو الموسم السابع والثلاثون. إحدى أبرز الندوات في موسم 2015 كانت تحت عنوان “العرب: نكون أو لا نكون”.

كان افتتاح الندوة مناسبة ليقول السيد محمّد بن عيسى، الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، وزير الخارجية المغربي السابق كلاما مؤلما كان لا بدّ من قوله.. ولكن من دون إغلاق الباب كليا على إمكان التفاؤل بالمستقبل، خصوصا في ظل وجود نموذج يمكن للعرب الآخرين، في معظمهم طبعا، أن يستعينوا به.

إنّه النموذج المغربي الذي يُفترض بكلّ من يمتلك بعضا من شجاعة وحسّ بالمسؤولية الاعتراف بأنّه حالة قائمة في حدّ ذاتها.

هذا المغرب مكّن محمّد بن عيسى من أن يقول أيضا “لقد أظهر الربيع العربي عيوب بعض الأنظمة السياسية، وكشف المعوقات الداخلية المعرقلة لانطلاقتها نحو التحديث والحكم الرشيد، لكنّه بسبب عفويته، لم يبلور أيّ مشروع عملي. وتقتضي المناسبة والمكان أن أشير باقتضاب إلى النهج الذي سلكته المملكة المغربية بإرادة متبصّرة وجرأة نادرة من عاهلنا الملك محمّد السادس. لقد أصغى الملك إلى جوهر الرسالة التي رفعها الحراك أو الربيع العربي، على الرغم من أنّ ما وصل منه إلى المغرب مجرّد أصداء وظلال مزيتها أنّها أتاحت لعاهل البلاد إخراج أجندته للإصلاحات الكبرى، فمضى قدما وبسرعة في تنفيذها بشجاعة وإقدام، إيمانا منه بأنّ واقع البلد، بالحراك أو من دونه، يتطلّب تلك الوثبة، ولا بأس إن صاحبتها موسيقى الشارع. بات المغرب من دون مبالغة يشكّل الاستثناء العربي. وهذه صفة في إمكان أيّ بلد أن يحوزها وفق نسقه التاريخي وبنيانه المجتمعي”.

نعم، لدى المغرب ما يقدمّه لأهل المنطقة وللعرب في وقت لا يزال هناك من يدقّ ناقوس الخطر من أصيلة وغير أصيلة. في العام الماضي كانت هناك في أصيلة ندوة عنوانها “العرب غدا: المآل والتوقّعات”. في العام الماضي، كان لا يزال هناك تشاؤم كبير. تحوّل هذا التشاؤم إلى الأسوأ، إلى ما هو في غاية الخطورة. لم يتردّد محمد بن عيسى في مداخلته في الإشارة إلى “دول تتفكّك وأخرى على لائحة الانتظار. حروب أهلية غير مسبوقة في ضراوتها وعنفها وعبثيتها، ولا أحد يعرف كيف يوقف الإعصار المدمّر”.

كان لا بدّ من هذا التقديم لإعطاء إشارة الانطلاق لكلام صريح أيضا صدر عن الرئيس السابق لمجلس الوزراء اللبناني السيّد فؤاد السنيورة الذي عدّد نقاط الضعف على الصعيد الإقليمي، بدءا باستمرار القضية الفلسطينية من دون حلّ “عادل” والانسحاب العربي لمصر إثر توقيع اتفاق كامب ديفيد في العام 1978 والغزو العراقي للكويت في العام 1990، وصولا إلى ما نحن عليه من تدخل إيراني في شؤون المنطقة “بعد تقويض الدور التاريخي للعراق” إثر “زلزال” الاجتياح الأميركي للبلد. لم تخل كلمة السنيورة من جانب أقلّ تشاؤما ولكن بعد تحذير من المخاطر المحدقة بالمنطقة جراء تحويلها إلى “قبائل وإثنيات”. كان ما يشبه التفاؤل في كلام السنيورة في حديثه عن أنّ “لا مناص من العودة إلى العروبة المتبصرة” مشددا على “الإصلاح الديني إنقاذا للإسلام”، مؤكّدا “إنّنا سنكون”.

شمل كلام رئيس “كتلة نواب المستقبل” في لبنان دعوتين. الأولى إلى علاقات “ندية” بين العرب وإيران التي عليها التوقف عن تمددها، والأخرى إلى “عقد اجتماع سعودي ـ مصري ـ مغربي لوضع سياسات مشتركة للأمن العربي”.

شكوى مساعد وزير الخارجية القطري السيّد محمد الرميحي كانت من الحاجة إلى عقيدة عربية، ذلك أنّ “أمّة من دون عقيدة لديها مشكلة” وجّه كلامه إلى الشباب العربي قائلا “ليس كافيا أن نقول نحن عرب فقط”، مشيرا إلى أنّه “منذ سقوط الدولة العثمانية، ليس لدينا نموذج لدولة عربية”.

لكنّ بعض أفضل ما ورد في الندوة كان ما طرحه السيد محمد أوجار، سفير المغرب لدى الأمم المتحدة في جنيف والوزير السابق، من أسئلة في غاية الجرأة. لا يستطيع طرح مثل هذه الأسئلة سوى مسؤول في بلد يحترم الإسلام ويدافع عنه في وجه المسيئين إليه. إنّه دين الدولة، في مملكة تعمل في الوقت ذاته وباستمرار على تطوير كلّ المؤسسات في البلد وعلى تخريج أئمة يهتمون بنشر الإسلام المعتدل في الداخل وفي دول المنطقة أيضا.

تساءل أوجار “ما حاجتنا لإسلام يهمّش المرأة.. ما حاجتنا لفكر قومي يهمّش الديمقراطية”. يحقّ للمغرب ما لا يحقّ لغيره، خصوصا أن ليس من يستطيع المزايدة على جهود الملك محمّد السادس في الدفاع عن الإسلام والاعتدال وثقافة التسامح والاعتراف بالآخر.

لذلك، يقول أوجار إن المطلوب “منظومة عربية تتطلع للدولة المدنية ولدولة المؤسسات، دولة الحقّ والقانون”. إنّه كلام في مكانه في مملكة عملت وما زالت تعمل من أجل أن تنال المرأة كل حقوقها بالمساواة مع الرجل.

كانت أصيلة وستبقى واحة ولنشر ثقافة مختلفة مرتبطة بالعصر وبكلّ ما هو متطوّر وحضاري في العالم. ليست السياسة وحدها التي كانت سيدة الموقف في موسم 2015. هذا الموسم كان أيضا لتكريم الرسّام المغربي الراحل فريد بلكاهية. أرادت أصيلة أن تقول لبلكاهية، حيث هو، إنّه لا يزال حاضرا، لا يزال في الذاكرة. لا يزال في منزل محمد بن عيسى الذي كان يأتي إليه وكأنّه يأتي إلى منزله. لا تزال أصيلة وفيّة لكلّ أصدقائها وكلّ الذين عملوا من أجل أن تكون حالة استثنائية في بلد استثنائي هو المغرب.

في ظلّ الكآبة التي يعيشها العالم العربي الذي يبحث عن توازنه وعن مواجهة مرحلة ما بعد تفكّك بعض دوله بدءا بالعراق وصولا إلى اليمن، مرورا بسوريا طبعا، لا يزال بصيص أمل. تحافظ أصيلة على هذا البصيص بتأكيدها أنّه لا يزال هناك مكان للفرح والألوان الجميلة. لا يزال هناك مكان يقال فيه الكلام الممنوع..

GMT 08:06 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

طوق النجاة لمباحثات الخرطوم

GMT 08:03 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

من قراءات الأسبوع

GMT 07:46 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 07:44 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

عيون وآذان (محمد بن زايد يعرف مصالح الإمارات)

GMT 07:42 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

قراءة نيابية في الموازنة قبل المجلس الدستوري

GMT 07:40 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

الإيماءات الدبلوماسية لن تحل المشكلة الإيرانية

GMT 07:38 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إرهاب إسرائيلي يؤيده ترامب)

GMT 07:36 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

سعد الحريري ورفض الأمر الواقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أصيلة حالة استثنائية في بلد استثنائي أصيلة حالة استثنائية في بلد استثنائي



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 15:29 2013 الأربعاء ,09 كانون الثاني / يناير

عقوبات انضباطية بحقّ 41 لاعبًا كوريًا جنوبيًا

GMT 16:31 2020 الأحد ,05 إبريل / نيسان

رقم تاريخي يزين مسيرة حمد الله مع النصر

GMT 19:32 2019 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يتقدم بشكوى رسمية للفيفا ضد حمدى النقاز

GMT 22:31 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أشرف يثني على أجواء معسكر الأسود قبل مواجهة جزر القمر

GMT 09:34 2015 الأحد ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

"صلة" تحذر جماهير ديربي جدة من السوق السوداء

GMT 22:26 2017 السبت ,21 تشرين الأول / أكتوبر

بادو الزاكي يتابع مباراة الوداد واتحاد العاصمة

GMT 23:35 2016 الخميس ,29 كانون الأول / ديسمبر

سيباستيان دوسابر يحتج على مسؤولي الوداد البيضاوي
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib