لا تتباهى بفراخك قبل أن يفقس بيضك

لا تتباهى بفراخك قبل أن يفقس بيضك

المغرب الرياضي  -

لا تتباهى بفراخك قبل أن يفقس بيضك

توفيق بو عشرين

وضع المسلسل الانتخابي الطويل نقطة نهايته بانتخاب مرشح البام، حكيم بنشماس، رئيسا لمجلس المستشارين (وفي رواية أخرى «الشاشارين» هكذا ينطقها بعض أعيان المجلس).. لنبدأ هذا الحديث الجدي ببعض الهزل الواقعي، أي بالمشاهد الفكاهية التي جرت يوم الثلاثاء الماضي تحت القبة المزخرفة للمجلس «الموقر».

أول هذه المشاهد هو مشهد مستشارة محترمة من البام انتُخبت «ديمقراطيا» لتمثلنا في غرفة للتشريع ولمراقبة الحكومة عجزت عن كتابة اسم مرشحها المفضل بنشماس (الله غالب هذه مهمة معقدة لا قبل لها بها).

المشهد الثاني، الأب عبو، الذي ترأس الجلسة الأولى باعتباره الأكبر سنا بعد اعتذار الشكايل، بقي يتفرج على خلاف قانوني نشب في الربع ساعة الأولى لفرز الأصوات، حيث وجدت لجنة الفرز اسم بنشماس مسبوقا بالأستاذ، وهي حيلة معروفة لخرق سرية التصويت، وتأكد المرشحين من تصويت المشكوك في ولائهم، حيث يعطونهم كلمات مفتاح (code) لوضعها مع الاسم لإثبات الولاء. الأب عبو بقي يتابع الجدل وكأنه أمام التلفزة وليس رئيس الجلسة حتى جاء «مخزني» بجلباب أبيض، وظيفته جلب كؤوس الماء للمتحدثين وتنظيم الدخول والخروج من المجلس، وأفتى لممثلَ الأمة بالحل في أذنه. قال له: «احتسب هذا الصوت، واللي عندو مشكل يمشي إلى المجلس الدستوري»، وهكذا وجد الشاوش الحل الذي لم يجده رئيس الجلسة المحترم.. كثر الله من أمثال هذا المخزني الذكي!
لكن المشهد الأكثر سريالية هو التبرير الذي ساقه امحند العنصر، الذي عاصر ثلاثة ملوك، واشتغل مع ملكين، وتنقل في وزارات كثيرة، من البريد إلى الفلاحة إلى الصيد البحري إلى الداخلية إلى التعمير ثم الرياضة، ثم أصبح رئيسا للجهة دون نسيان وزارة الدولة بدون حقيبة.. هذا الوزير المعمر قال لهذه الجريدة، في تفسير تصويت حزبه، الذي يوجد في الحكومة، لصالح مرشح البام الذي يتموقع في المعارضة بعدما رفض التصويت لمرشح الأغلبية (أوعمو).. قال نظرية جديدة في النظم السياسية المعاصرة يجب أن تدرس في الجامعات الإنجليزية التي تفتخر بأنها أم النظام البرلماني.. قال: «لما رأت الحركة الشعبية (شعبية نيت) أن الحكومة تسير مجلس النواب، قلنا لا مانع من إعطاء رئاسة الغرفة الثانية للمعارضة». هذا الكرم الحركي أبدع نظرية جديدة في العمل البرلماني مفادها أن الأغلبية عندما تسيطر على الغرفة الأولى تعطي المعارضة الغرفة الثانية لتعطل التشريع وتضعف الحكومة! على العنصر أن يؤلف كتابا في هذه النظرية ويرسله إلى هولاند وأوباما وميركل وديفيد كامرون…
لنخرج من الكوميديا الواقعية إلى السياسة المتخيلة… فوز حكيم بنشماس بأصوات البام والحركة الشعبية والتجمع الوطني للأحرار والاتحاد الدستوري وحركة عرشان وأصوات الباطرونا وحزبين يطلق عليهما الإصلاح والعهد.. الفوز بأصوات هؤلاء معناه أن الشرعية التي يبحث عنها الجرار مازالت بعيدة، وأنه في ساعة الجد والمنافسة المفتوحة، كما وقع مع عبد الصمد قيوح، لا يجد إلى جانبه سوى أحزاب الإدارة القديمة والجديدة، وهذه الأحزاب حتى وإن كانت في الحكومة فإن قلبها يخفق مع المعارضة، وهذا كله يَصُب في مصلحة العدالة والتنمية لو تتفكرون، لأن الناس لا يفهمون تنكر الحركة والأحرار لحليفهما في الحكومة سوى أنه خوف من حزب التحكم، واستهداف لبنكيران، وإخلال بمنطق التحالفات، وقد رأينا بالعين المجردة نتيجة هذه السياسة في 2009 وفي 2011 وفي 2015، وسنراها بشكل أوضح في 2016. من جهة أخرى، إن فوز عبد الصمد قيوح بأصوات الاستقلال والعدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية والاتحاد المغربي للشغل والاتحاد العام للشغل والاتحاد الوطني للشغل يدل على أن جبهة المعارضة في خبر كان، وأن الاستقلال والاتحاد خرجا ضمنيا من من المعارضة ومن تحالفهما مع البام، وهما يقتربان من إعادة التصالح مع العدالة والتنمية، والخروج من الحلف الذي كان يهدف إلى عزل بنكيران وبنعبد الله مع أحزاب الإدارة في الحكومة، وإبعاد الحزبين التاريخيين، الاستقلال والاتحاد، ووضعهما تحت وصاية البام في المعارضة تحت شعار «معارضة الحكومة وموالاة الحكم»… هذه النظرية سقطت يوم الثلاثاء الماضي، وفارق صوت واحد الذي فاز به البام على الاستقلال قد يكلفه غاليا غدا، فيبدو أن شهية الجرار المفتوحة ستوقعه في مزيد من العزلة عن باقي الأحزاب الأخرى، وستجعل العدالة والتنمية أكثر راديكالية إزاءه في المستقبل، وقد يقود كل هذا إلى تشكل بوادر كتلة تاريخية كان المرحوم الجابري ينظر لها بين الأحزاب الصاعدة من رحم المجتمع لمقاومة الاستبداد والفساد والأحزاب المصنوعة في مختبر الإدارة، لهذا لا يجب على البام أن يفرح كثيرا برئاسة غرفة ليست كباقي الغرف… فالمثل الروسي يقول: «لا تتباهى بفراخك قبل أن يفقس بيضك».

GMT 08:06 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

طوق النجاة لمباحثات الخرطوم

GMT 08:03 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

من قراءات الأسبوع

GMT 07:46 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 07:44 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

عيون وآذان (محمد بن زايد يعرف مصالح الإمارات)

GMT 07:42 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

قراءة نيابية في الموازنة قبل المجلس الدستوري

GMT 07:40 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

الإيماءات الدبلوماسية لن تحل المشكلة الإيرانية

GMT 07:38 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إرهاب إسرائيلي يؤيده ترامب)

GMT 07:36 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

سعد الحريري ورفض الأمر الواقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا تتباهى بفراخك قبل أن يفقس بيضك لا تتباهى بفراخك قبل أن يفقس بيضك



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 19:26 2021 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

شتوتجارت يكتسح أوجسبورج برباعية في الدوري الألماني

GMT 18:34 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

البنزرتي يُؤكِّد عودته للوداد رغم المشاكل التي يُعانيها

GMT 13:37 2018 الأحد ,21 تشرين الأول / أكتوبر

مدرب الوداد يستدعي الكوثري لمواجهة مولودية وجدة

GMT 14:24 2013 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

توفيق اجروتن لم يلتحق بفريق "الأمل"

GMT 23:53 2018 السبت ,28 إبريل / نيسان

سيباستيان فيتل يسجل أسرع زمن في" فورمولا1"

GMT 02:55 2014 الأحد ,05 تشرين الأول / أكتوبر

يوسف العربي يتألق ويسجل ضد مالقة رغم الخسارة

GMT 16:41 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

المغرب الفاسي يفوز على أمل الوداد وينفرد بالصدارة

GMT 02:20 2015 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

إيقاف مهاجم "المغرب التطواني" بورزوق لمدة ست مباريات

GMT 09:40 2014 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"مانيونايتد" يلتقي "السيتيزن" في صراع السباق على الصدارة
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib