جبنكم يقتلهم…

جبنكم يقتلهم…

المغرب الرياضي  -

جبنكم يقتلهم…

توفيق بوعشرين

الطريق تقتل.. هكذا كان التلفزيون الرسمي يقول للمغاربة في وصلة تحسيسية قديمة، والواقع أن هذه الجملة مضللة.. الذي يقتل هو البشر وليس الطريق… أمس فجع المغاربة بحادثة سير أخرى راح ضحيتها ثمانية أشخاص في ورزازات، وقبلها قضى 35 طفلا نحبهم في حادثة طانطان الشهيرة، ومازلنا ننتظر نتائج التحقيق الذي باشرته الداخلية والدرك في ملابسات الحادثة…

كل سنة نفقد أكثر من 4000 مغربي في حوادث السير، وهذا رقم مهول جداً بالنظر إلى عدد السيارات والشاحنات والحافلات الموجودة في المغرب، والذي لا يتجاوز مليوني مركبة، في حين تفقد فرنسا حوالي 3500 مواطن في حوادث السير كل عام لكن عدد مركباتها يصل إلى 13 مليونا، كما أن عدد سكانها يضاعف عدد سكان المغرب. هذا يكشف إلى أي حد نحن بلاد بعيدة عن المعدل الدولي للوفيات عبر الطرق وأننا لا نعرف كيف نحافظ على الحياة أثناء تنقلنا من مكان إلى آخر…

الآن دعونا نضع اليد على الجرح، ونقول إن الإدارة والحكومة والدولة والأمن والدرك ووزارة النقل والمواطنين… كل هؤلاء شركاء في جريمة واحدة تقتل كل سنة أكثر من 4000 مواطن، وتجرح أربعة أضعاف هذا الرقم، وتتسبب في خسائر بالمليارات، والأدهى أن الجميع يقف عاجزا عن وقف حمام الدم هذا لأن الجرأة تنقص، والإرادة غائبة، والعجز سيد الموقف…

 عدد حوادث السير مرتفع جداً في المغرب لأن بعض عناصر الأمن والدرك يفتحون عينا واحدة على المخالفات، ويغمضون الأخرى مقابل 50 درهما أو 100 درهم أو 200 درهم، حسب المخالفة ومستوى العيش في كل مدينة وإقليم وطريق، إذن الرشوة على الطرق تقتل…

عدد حوادث السير مرتفع لأن الدولة مازالت توزع ريع كريمات النقل على أشخاص لا علاقة لهم بالنقل الذي أصبح مهنة معقدة تتطلب خبرة ورأسمالا وشركات ومسيرين، وهذا الكلام ليس من عندي. في الورقة التقديمية التي وضعتها وزارة النقل والتجهيز لمشروع قانون مدونة السير، تحدثت صراحة عن أن الثمن الذي يدفعه المغاربة مقابل هذه «الكريمات» باهظ جداً، وأن هذا النظام الريعي هو أحد أسباب اتساع حوادث السير، حيث تؤجر هذه الكريمات لأشخاص وشركات دون مؤهلات ولا ضمير ولا خبرات، وتصبح العديد من الحافلات مثل الدبابات تنشر الموت على الطريق، إذن «الگريمات» تقتل…

عدد حوادث السير مرعب في الطرقات المغربية لأن وزارة النقل من أكثر الوزارات رشوة وفسادا وتخلفا، حيث يجري التلاعب بنظام منح رخص السياقة، ويجري التغاضي عن الاختلالات المنتشرة في مراكز الفحص التقني، وحتى الرادارات، التي كلفت الملايير، 80 في المائة منها لا تشتغل، ونصفها لم يربط بشبكة الاتصالات. هل هناك عبث أكثر من هذا؟ إذن وزارة النقل تقتل.

عدد حوادث السير مهول في طرقاتنا لأن الهيئة الوطنية للوقاية من حوادث السير لا تشتغل بفعالية، وهي أقرب إلى كلب ينبح ولا يعض، فهي هيئة تحسس بمشكل لا يريد أحد أن يحس به، وإذا أحس به أحد المسؤولين فإنه عاجز عن أن يقول للأمن والدرك والوزارة ونظام الريع وحالة الطرق وفوضى النقل وثقافة السياقة لدى المواطن: كفى سطوب، إذن تهور السائقين وعدم مسؤوليتهم يقتل كذلك…

المشكل سياسي أولا قبل أن يكون تقنيا.. الوزير الرباح لم تكن لديه الجرأة لكي ينهي نظام الريع في «الكريمات»، واكتفى بتعرية طنجرته ورجع إلى الوراء، والسيد الوزير عاجز عن أن يكشف للمغاربة الأسباب الحقيقية لحوادث السير في المغرب، فما بالك بالتصدي لها…

الآن يوجد مشروع لدى الحكومة لتحويل اللجنة الوطنية لمكافحة حوادث السير إلى وكالة، وهذا قرار تأخر لسنوات، لكن الأهم الآن هو: ما هي السلط التي ستعطى لهذه الوكالة؟ هل ستتكلف بمنح رخص السياقة ومراقبة الحالة التقنية للعربات والسلامة على الطرق، ودفتر تحمل الشركات المكلفة بالنقل، ومراجعة مدونة السير، وتجهيز الطرق بوسائل السلامة، أم لا؟ هل تستطيع هذه الوكالة أن تراقب عمل جهازي الأمن والدرك أم لا؟ هل بمقدور هذه الوكالة أن تراقب في الميدان التقيد بقانون السير وشروط السلامة، أم ستبقى سجينة مكاتبها الزجاجية في حي الرياض بالرباط، وتتخصص في إنتاج الخطاب والمناظرات والأيام الدراسية، فيما أعداد القتلى تزداد كل يوم…

ليست الطرق من يقتل بل البشر والسياسة وانعدام الجرأة لدى صاحب القرار…

GMT 08:06 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

طوق النجاة لمباحثات الخرطوم

GMT 08:03 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

من قراءات الأسبوع

GMT 07:46 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 07:44 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

عيون وآذان (محمد بن زايد يعرف مصالح الإمارات)

GMT 07:42 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

قراءة نيابية في الموازنة قبل المجلس الدستوري

GMT 07:40 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

الإيماءات الدبلوماسية لن تحل المشكلة الإيرانية

GMT 07:38 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إرهاب إسرائيلي يؤيده ترامب)

GMT 07:36 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

سعد الحريري ورفض الأمر الواقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جبنكم يقتلهم… جبنكم يقتلهم…



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 06:26 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

صور أجمل كوشات أعراس لموسم ربيع 2019

GMT 04:18 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

معتز برشم ينافس على لقب رياضي العام في "موناكو"

GMT 18:24 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس حسنية أغادير يسافر إلى رومانيا

GMT 23:13 2018 السبت ,28 تموز / يوليو

الرجاء يقدم لاعبه الجديد الورفلي

GMT 16:12 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

اجتماع لروساء الرجاء البيضاوي للخروج من أزمة النادي

GMT 05:36 2019 الجمعة ,15 آذار/ مارس

افتتاح مطعم " Clinton St. Baking" العالمي في دبي

GMT 15:12 2017 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

أولتراس وينرز مثال للجمهور الحقيقي

GMT 13:10 2017 الأحد ,10 كانون الأول / ديسمبر

جماهير فريق الوداد تلفت أنظار العالم ببادرة طيبة
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib