بنكيران ينزع قبعة الإسلامي

بنكيران ينزع قبعة الإسلامي

المغرب الرياضي  -

بنكيران ينزع قبعة الإسلامي

توفيق بوعشرين

للمرة الثانية يُذكّر رئيس الحكومة من يستمع إليه ومن يهتم بتجربة حزبه بأنه ليس إخوانيا، حتى وإن تربى فكريا على إنتاج الإخوان وكتبهم وتنظيراتهم حول الإسلام والسياسة والحكم والشريعة.

في قطر التي حل بها رئيس الحكومة أول أمس للمشاركة في منتدى الجزيرة، قال: «إنني لست إخوانيا، ولا وجود لتنظيم الإخوان المسلمين في المغرب»، وفي حوار سابق مع جريدة «الشرق الأوسط» قال زعيم العدالة والتنمية: «أنا لست إسلاميا. أنا مسلم بالكاد أقوم بواجباتي الدينية، ولست هنا لأتدخل في نمط تدين أي واحد»…

لو كان بنكيران في المعارضة هل كان سيقول هذا الكلام؟ وهل كان سيعرف نفسه وهويته السياسية بعيدا عن الإخوان وحتى عن الإسلاميين؟

لا أظن أن بنكيران كان سيجرؤ على هذا الكلام، الذي يعبر عن مراجعات فكرية وإيديولوجية عميقة في عقل بنكيران وحزبه، لو لم يكن في السلطة، وعلى رأس الحكومة في ظرف صعب ودقيق، حيث انقلب الربيع العربي إلى خريف، وثورات الشارع إلى ثورات مضادة…

ما يقوم به بنكيران من إعادة تعريف نفسه وحزبه وتجربته عادي وطبيعي، بل ومطلوب في الظرف الراهن، وقد نضجت تجربته وأصبح في موقع قيادة الحكومة والسياسات العمومية، وأصبح مسؤولا في دولة لها مصالح وعلاقات مع دول أخرى وموقع إقليمي ودولي ولم يعد خطيبا في مسجد في حي العكاري الشعبي، السلطة مثل الرحى تبرد صاحبها كما قال الحسن الثاني رحمه الله…

 إن النزعة الأصولية التي تسربت إلى المغرب في السبعينات على يد الشبيبة الإسلامية، التي كان يقودها عبد الكريم مطيع، كانت موضة وتقليدا وموجة ورد فعل على اليسار وثقافته المهيمنة، وعلى الفرانكفونية وجبروتها، وعلى الظلم الاجتماعي والسياسي وآثاره على نفسية شباب ما بعد الاستقلال… الأصولية الإخوانية والسلفية الوهابية والإسلام الجهادي كلها منتوجات شرقية مصرية سعودية سورية أفغانية… أغلبية الكتب والأدبيات والمحاضرات والرموز التي تربى عليها الإسلاميون المغاربة كانت منتوجات وافدة على المغرب. لم يهتم مطيع وبنكيران والمرواني وبها والرميد والريسوني والبوشيخي والمروري والعثماني ويتيم وعبد السلام ياسين… بكتابات الزعيم علال الفاسي وهو عالم مقاصدي ومناضل وطني وزعيم إسلامي  ولا بسيرة شيخ الإسلام بالعربي العلوي وهو مجدد ومعارض للسلطة أيما معارضة، ولا بإنتاجات المختار السوسي وهو أديب كبير، ولا غيرهم من أعلام الفكر الإسلامي المغربي، بل راحوا يعكفون على كتب سيد قطب التي ألفها وهو في السجن ينتظر حكم الإعدام، وبسبب ذلك جاءت مؤلفاته غاضبة ونظرته إلى المجتمع لا تخرج عن الجاهلية، وراحوا يروجون فكر أبي الأعلى المودودي من باكستان وقد خرجت بلاده مجروحة وبلا هوية بعد انسلاخها عن الهند، ولهذا اخترع حاكمية متشددة تفرق ولا تجمع، تقصي ولا تؤلف بين القلوب…

عزف الإسلاميون المغاربة عن تراث الأجداد على هذه الأرض حيث يتعايش العرب والأمازيغ، والمسلمون واليهود، والمورسكيون والأفارقة، وراحوا يتطلعون إلى أممية أصولية غاضبة تعد الشباب بالجنة على الأرض وبعودة آمنة إلى أصل نقي، وبإحياء الخلافة التي لم تكن في جل تاريخ المسلمين راشدة…

بنكيران قطع نصف الطريق للابتعاد عن المرجعية الأصولية المنغلقة التي تربى في كنفها، لكنه لم يقطع المسافة المتبقية، وهي تعريف العدالة والتنمية كحزب محافظ وليس أصوليا.. كحزب مدني وليس دينيا، كحزب إصلاحي ديمقراطي وليس إسلاميا منغلقا…

المجتمع المغربي محافظ، والدولة محافظة، والمؤسسة الملكية محافظة، ولهذا فإن جل الأحزاب والتيارات التي اصطدمت بهذه المحافظة لم تنجح في أن تصير أحزابا وتيارات جماهيرية وواسعة، لكن المحافظة لا تعني الجمود ولا تعني الانغلاق، ولا تعني مخاصمة العصر وقيمه والغرب وحضارته.. المحافظة مذهب سياسي يعطي الدين والثقافة والتاريخ واللغة والتقاليد والهوية مكانتها في الحياة العامة وفي السياسات العمومية، ولا يتجه إلى القطيعة مع الماضي والتراث، لكن المحافظة لا تتعارض مع التقدم والتطور والانفتاح… حزب الاستقلال قبل أن يصير ما نراه من صورة كاريكاتورية الآن، كان أكبر حزب محافظ في المغرب، وكان مؤهلا لأن يصير حزبا كبيرا ومؤثرا لولا استبداد عهد الحسن الثاني، وانقسام الحزب، وعجز الأبناء عن مواصلة كفاح الآباء…

لهذا، أمام حزب العدالة والتنمية فرصة كبيرة لأن يعطي نموذج الحزب المحافظ الذي تخطى الأصولية، ووضع رجلا في حقل ما بعد الأصولية «post-islamism».

 

GMT 08:06 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

طوق النجاة لمباحثات الخرطوم

GMT 08:03 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

من قراءات الأسبوع

GMT 07:46 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 07:44 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

عيون وآذان (محمد بن زايد يعرف مصالح الإمارات)

GMT 07:42 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

قراءة نيابية في الموازنة قبل المجلس الدستوري

GMT 07:40 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

الإيماءات الدبلوماسية لن تحل المشكلة الإيرانية

GMT 07:38 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إرهاب إسرائيلي يؤيده ترامب)

GMT 07:36 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

سعد الحريري ورفض الأمر الواقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بنكيران ينزع قبعة الإسلامي بنكيران ينزع قبعة الإسلامي



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 06:26 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

صور أجمل كوشات أعراس لموسم ربيع 2019

GMT 04:18 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

معتز برشم ينافس على لقب رياضي العام في "موناكو"

GMT 18:24 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس حسنية أغادير يسافر إلى رومانيا

GMT 23:13 2018 السبت ,28 تموز / يوليو

الرجاء يقدم لاعبه الجديد الورفلي

GMT 16:12 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

اجتماع لروساء الرجاء البيضاوي للخروج من أزمة النادي

GMT 05:36 2019 الجمعة ,15 آذار/ مارس

افتتاح مطعم " Clinton St. Baking" العالمي في دبي

GMT 15:12 2017 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

أولتراس وينرز مثال للجمهور الحقيقي

GMT 13:10 2017 الأحد ,10 كانون الأول / ديسمبر

جماهير فريق الوداد تلفت أنظار العالم ببادرة طيبة
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib