بنكيران يلبس قبعتي الحكم والمعارضة

بنكيران يلبس قبعتي الحكم والمعارضة

المغرب الرياضي  -

بنكيران يلبس قبعتي الحكم والمعارضة

بقلم :‎توفيق بوعشرين

ابتعد عبد الإله بنكيران 160 كيلومترا عن العاصمة الرباط ليوجه رسائل إلى خصومه وإلى أصدقائه في الوقت نفسه.
 من قرية أكوراي، التي تربطه بها علاقة خاصة، حيث زارها ثلاث مرات في ظرف سنتين ونصف، قام بنكيران خطيبا في آلاف المواطنين الذين حجوا من الحاجب ومكناس وآزرو والنواحي للاستماع إليه، فماذا قال زعيم العدالة والتنمية لكل هؤلاء؟
قال للذي يريد منه أن يكون رئيس حكومة يملأ كل مقعده، ويطبق الدستور بتأويل ديمقراطي يقربنا من الملكية البرلمانية.. قال لهؤلاء: «أنا جئت إلى رئاسة الحكومة باش نقاد الشواري، وندير شوية نتاع التوازن وشوية نتاع العدل... الملك هو رئيسي، وأنا لا أتقاسم معه السلطة بل أعمل تحت رئاسته. الدستور يقول إنه رئيس المجلس الوزاري وأمير المؤمنين، وإذا كنتم تريدون رئيس حكومة ينازع الملك السلطة فابحثوا لكم عن رئيس حكومة جديد، أنا لا أصلح لكم».
قال لحميد شباط، الذي تجمعه به علاقة عداوة شخصية وسياسية: «هل ستصدقون أحد المخلوضين الذي كان قبل 20 سنة لا يتوفر على درهم واحد، والآن أصبح يملك نصف مدينة فاس؟ أنا لم آت إلى السياسة من أجل الاغتناء ولا من أجل الشهرة. المال لا يهمني، والمغاربة يعرفونني منذ 40 سنة.. فيقوا أيها المغاربة ولا تتركوا المفسدين يخدعونكم كل مرة».
أما حزب الأصالة والمعاصرة، الذي لا يرى فيه بنكيران وحزبه أنه مجرد حزب في المعارضة، بل يعتبرونه جزءا من مشروع الاستبداد، وأنه حزب جاء لمحاربة الإسلاميين وإعادة نشر السلطوية في الحقل الحزبي.. لهؤلاء قال: «الشعب لا يمكن أن يصدّق للي جاو في إطار التحكم، وبغاو يديرو حزب ويحكمو البلاد، ويتحكمو في رقاب المسؤولين قبل المواطنين. على هؤلاء أن يعرفوا أن أحداث الربيع العربي فضحتهم، ويلا بغاو يكونو شرفاء فعليهم أن يحلوا حزبهم، ويعدوا خلطة أخرى لأن هذه الخلطة فسدت، ولا يمكن لحزب له عيوب خلقية أن يصمد طويلا».
ماذا قال للتماسيح والعفاريت؟ قال: «كلما اقتربنا من الإصلاح أخرجوا لنا أشياء لا تخطر على بال. إنهم يعتبرون وصولنا إلى الحكومة حادثة سير ويجب أن تمر. عندما نريد مساعدة الفقراء، الذين لا يعرفون كيف يدافعون عن حقوقهم، يقولون إننا سنوسع شعبيتنا أكثر، وسنبقى في السلطة مدة أطول. ماذا تريدون؟ هل نرحل عن هذه البلاد؟ اتركونا نساعد الناس.. نحن لا ندفع الصدقة، هذا تضامن اجتماعي»...
يجرب السيد عبد الإله بنكيران «خلطة» غير مسبوقة في تاريخ المغرب، تتمثل في المزاوجة بين قبعة رئيس الحكومة وقبعة المعارضة. يشتغل بنكيران من الاثنين إلى الجمعة رئيساً للجهاز التنفيذي، ويتحول، يومي السبت والأحد، إلى معارض كبير يدعو إلى حل حزب الأصالة والمعاصرة، ويدعو إلى مقاطعة منتجات «دانون» لأن الشركة الفرنسية زادت في سعره، ويقطر الشمع على وزارة الداخلية عندما يفتتح اللقاء في أكوراي بشكر الناس الذين جاؤوا إلى تجمعه الخطابي دون مال ولا أمر من السلطة...
ماذا يعني هذا؟
هذا ليس له إلا معنى واحد، في نظري، وهو أن مشروع الانتقال الديمقراطي الذي لاح في الأفق بعد الربيع المغربي والدستور الجديد والحكومة الجديدة قد فشل، وأن وعد بنكيران بالإصلاح في ظل الاستقرار يوجد اليوم في مأزق كبير.
إذا كان رئيس الحكومة، الذي وضع الدستور بين يديه سلطات كثيرة، لا يستطيع تصريف سياساته وقراراته وبرامجه، ويضطر إلى الخروج في كل مرة إلى الشعب ليقول له: «فيقوا، وأنتم من يحمي الحكومة، وإن التماسيح والعفاريت لا تتركني أشتغل، وإن حزب التحكم يجب أن يحل نفسه»، وإن «بنكيران جاء ليساعد فقط، ولهذا فإن الذي يعارضه يضيع وقته»، فهذا معناه أننا رجعنا إلى المرحلة نفسها التي سبقت 20 فبراير، وأن دستور 2011 ترك مكانه لدستور 2009، وأن أقصى ما حصلنا عليه بعد الحراك المغربي أن البلاد صار لها رئيس حكومة معارض يضطر إلى أن يجوب البلاد طولا وعرضا ليعبئ الناس ويوقظهم، ويشرح لهم مؤامرات الفساد والاستبداد، وكأنه لا يتوفر على سلطة ومراسيم وأغلبية وتوقيع يمكنه أن يغير بها أشياء كثيرة في البلاد.
أمام رئيس الحكومة ثلاثة خيارات لمواجهة هذه الورطة التي يوجد فيها؛ إما أن يقدم استقالته ويعترف بأنه فشل في تطبيق برنامجه، وأن الفساد والاستبداد أقوى من حكومة بهذا الشكل واللون والتركيبة، وإما أن يغلق فمه، ويستمر في تلقي الضربات إلى حين أن يسقط مع نهاية 2016 منهزما بالنقط، وإما أن يزاوج بين الحكم والمعارضة، وأن يظل في حملة انتخابية متواصلة لامتصاص الضربات التي يتلقاها في المطبخ الداخلي للحكم ولا يستطيع الرد عليها، فيخرج للتشهير بها أمام الناس علهم يتفهمون الإكراهات التي تحيط به... هل هذا التكتيك ينجح في بناء استراتيجية؟ الجواب لن يتأخر، ستظهر معالمه الأولى في السنة القادمة والباقي في السنة التي تليها.

 

GMT 08:06 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

طوق النجاة لمباحثات الخرطوم

GMT 08:03 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

من قراءات الأسبوع

GMT 07:46 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 07:44 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

عيون وآذان (محمد بن زايد يعرف مصالح الإمارات)

GMT 07:42 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

قراءة نيابية في الموازنة قبل المجلس الدستوري

GMT 07:40 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

الإيماءات الدبلوماسية لن تحل المشكلة الإيرانية

GMT 07:38 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إرهاب إسرائيلي يؤيده ترامب)

GMT 07:36 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

سعد الحريري ورفض الأمر الواقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بنكيران يلبس قبعتي الحكم والمعارضة بنكيران يلبس قبعتي الحكم والمعارضة



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 18:21 2025 الجمعة ,24 تشرين الأول / أكتوبر

محكمة تقبل دعوى فالنسيا ضد نتفليكس بسبب وثائقي فينيسيوس

GMT 19:57 2019 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيخ كومارا استثناء والبقية في مهب الريح

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 11:57 2017 الأحد ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

طرح تذاكر مباراة "الرجاء" ضد "واد زم" للبيع

GMT 20:52 2019 الثلاثاء ,15 كانون الثاني / يناير

برحمة يرفض الاستمرار مع الجيش الملكي

GMT 11:12 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

يوسف يُعرب عن سعادته لتصدر فريقه المجموعة الرابعة
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib