16 ماي للذكرى

16 ماي للذكرى

المغرب الرياضي  -

16 ماي للذكرى

توفيق بو عشرين


في مثل هذا اليوم قبل 12 سنة هزت انفجارات عنيفة قلب مدينة الدار البيضاء.. كان المغاربة يرون الإرهاب أمام شاشات التلفزة، وبعد هذا التاريخ أصبح الإرهاب صناعة محلية يرى بالعين المجردة في شوارع المملكة.

16 ماي ليس تاريخا يتكون من رقم وشهر.. إنه تراجيديا إنسانية، حيث استشهد في تفجيرات فندق فرح والمقبرة اليهودية والمطعم الإسباني 42 من المواطنين الأبرياء، كما قتل 11 ممن اختاروا الانتحار طريقة لإعلان عن ميلاد مشروع السلفية الجهادية في بلاد كانت تعتبر نفسها استثناء من القاعدة…

الآن بعد أن مرت 12 سنة على أحداث 16 ماي، وما تبعها من عمليات وخلايا ومحاكمات ومطاردات وخطط أمنية ودينية واجتماعية واقتصادية لمحاصرة ينابيع التطرف.. ما هي الحصيلة اليوم؟ ماذا تحقق في خطة محاربة الإرهاب؟ وماذا لم يتحقق؟

بعد أن استوعب المغرب الرسمي والشعبي الصدمة، بدأ يفكر في خطة محاربة الإرهاب.. هذه الخطة لم تولد مكتملة، بل جرى وضع معالمها في الطريق، لكن في النهاية أصبحت هناك سياسة عمومية لمواجهة الإرهاب مكونة من ثلاثة أضلاع.

أولا: خطة أمنية مبنية على تحديث جهاز المخابرات، خاصة CDT، وإعطائه إمكانات كبيرة، مالية وبشرية وتقنية، علاوة على زيادة تنسيقه وتعاونه مع أجهزة المخابرات الغربية، وخصوصا الأمريكية منها. كانت طموحات الجنرال القوي آنذاك حميدو لعنيگري أكبر من هذا.. كان يحاول إقناع القصر بتأسيس وزارة للأمن القومي تجمع شتات مختلف الأجهزة الأمنية، بيد أن المقترح لم يمر لاعتبارات سياسية، لكن أعطيت للعنيكري كل الإمكانات لتحديث جهاز المخابرات، وهي المهمة التي أكملها عبد اللطيف الحموشي، حتى وصلنا الآن إلى جهاز قوي ومدرب ومتخصص في جمع المعلومات، وفي ملاحقة خلايا الإرهاب، وتعقب شبكاته. يمكن القول إن هذا الشق في خطة مكافحة الإرهاب هو الذي نجح، فيما بقية الأضلاع الأخرى لم تنجح، حتى لا نقول إنها فشلت.

ثانيا: الضلع الثاني لهذه الخطة التي وضعت بعد 16 ماي، يتمثل في مراقبة الحقل الديني وإعادة تأهيله عن طريق حضور أكبر لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في المساجد والخطب والإعلام الرسمي وعموم الأنشطة الدينية، ومحاولة استعادة الهيمنة الإيديولوجية للدولة في الحقل الديني الحساس، وعدم ترك الفكر الجهادي المستورد ينتشر في البلاد. المشكلة في هذا المنتوج الديني للدولة، والذي يسوق لتدين مغربي معتدل ووسطي، أنه لم يتوجه إلى الفئات المستهدفة منه، وهي الشباب، وخاصة العاطلين عن العمل والفقراء والمهمشين. خطاب الدولة الديني لا يتوفر على وسائط ولا قنوات للوصول إلى الفئات المستهدفة، فهو غائب عن النيت، المسرح الجديد للتأطير، وهو لا يتوفر على دعاة ومشايخ عصريين قادرين على مخاطبة الشباب بلغته وبأسلوب جذاب، كما تفعل الحركات المتطرفة ودعاتها الذين يحتلون الشبكة العنكبوتية. ثم، ثالثا، المؤسسة الدينية الرسمية تفتقر إلى الاستقلالية وإلى السلطة المعنوية في المجتمع، لأن فقهاء الدولة الذين أوكلت إليهم مهام تنزيل الخطة الدينية كانوا أدوات عتيقة ومتآكلة، ولا تحظى بأي مصداقية لدى جمهور الحركات الإسلامية وعموم المجتمع… لهذا، لا يجب أن يصدمنا التحاق 2000 شاب مغربي بدولة البغدادي اليوم، ولا أخبار تفكيك خلايا الإرهاب كل ساعة وحين.. بلادنا مازالت تنتج كمية كبيرة من المتطرفين والدواعش…

ثالثا: المحور الثالث في مخطط مكافحة الإرهاب هو النهوض بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للفقراء من خلال آليات كثيرة، أبرزها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي صرفت عليها الدولة مليارات الدولارات إلى الآن، لكن نتائجها تظهر محدودة جدا، وهذا واضح من خلال خرائط الفقر التي تعلنها المندوبية السامية للتخطيط، وعدد الفقراء والمناطق المهمشة، ومرة أخرى كان العيب في التسويق وليس في المنتوج. لقد أعطت الدولةُ وزارةَ الداخلية والولاة والعمال صلاحية تنزيل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على أرض الواقع، أي أن الدولة سلمت ملفا اقتصاديا واجتماعيا إلى رجل سلطة اختصاصه الأمن، وليس الأرقام والمشاريع والإدارة والتدبير والموارد البشرية. أصبحنا ننتظر من الولاة والعمال أن يقوموا بوظائف ليست وظائفهم، والأدهى أن المشروع يدور دون تقييم موضوعي ولا رقابة ولا إشراف من الحكومة… بقية المشاريع الاجتماعية ظلت ترقيعا أكثر من أي شيء آخر.. اختفت بعض أحياء الصفيح التي خرج منها الانتحاريون، لكن نبتت علب سردين للسكن أسوأ من البراكة والحي الصفيحي…

هكذا نرجع إلى ذكرى 16 ماي لنترحم على الشهداء الذين سقطوا في الجمعة السوداء، ولكي نلفت النظر إلى أن الأمن، على أهميته، ليس سلاحا فعالا  في معركة معقدة، وأن سياسات التشغيل والتعليم والإعلام والنهوض بأوضاع الفقراء كلها عناصر ضرورية لإخماد هذا الحريق الذي ينفخ فيه كثيرون في الداخل والخارج ليحرق البلد بمن فيه…

GMT 08:06 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

طوق النجاة لمباحثات الخرطوم

GMT 08:03 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

من قراءات الأسبوع

GMT 07:46 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 07:44 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

عيون وآذان (محمد بن زايد يعرف مصالح الإمارات)

GMT 07:42 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

قراءة نيابية في الموازنة قبل المجلس الدستوري

GMT 07:40 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

الإيماءات الدبلوماسية لن تحل المشكلة الإيرانية

GMT 07:38 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إرهاب إسرائيلي يؤيده ترامب)

GMT 07:36 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

سعد الحريري ورفض الأمر الواقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

16 ماي للذكرى 16 ماي للذكرى



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 06:26 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

صور أجمل كوشات أعراس لموسم ربيع 2019

GMT 04:18 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

معتز برشم ينافس على لقب رياضي العام في "موناكو"

GMT 18:24 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس حسنية أغادير يسافر إلى رومانيا

GMT 23:13 2018 السبت ,28 تموز / يوليو

الرجاء يقدم لاعبه الجديد الورفلي

GMT 16:12 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

اجتماع لروساء الرجاء البيضاوي للخروج من أزمة النادي

GMT 05:36 2019 الجمعة ,15 آذار/ مارس

افتتاح مطعم " Clinton St. Baking" العالمي في دبي

GMT 15:12 2017 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

أولتراس وينرز مثال للجمهور الحقيقي

GMT 13:10 2017 الأحد ,10 كانون الأول / ديسمبر

جماهير فريق الوداد تلفت أنظار العالم ببادرة طيبة
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib