بلاد متعبة

بلاد متعبة

المغرب الرياضي  -

بلاد متعبة

بقلم ـ توفيق بو عشرين

أكثر من مليون مغربي يعيشون من تجارة الحشيش.. هذا ما يقوله المعهد الهولندي العابر للأوطان. أغلب الشباب المغربي يرى أن صناعة المستقبل توجد خارج وطنه وليس داخله.. هذا ما يقوله المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية. انتقل عدد سكان سجون المغرب من 68000 سجين قبل خمس سنوات إلى 82400 سجين اليوم والأدهى أن نصفهم مسجون بلا أحكام.. هذا ما تقوله المندوبية السامية للسجون. التسوس ينخر أسنان 91 % من المغاربة اليوم.. هذا ما تقوله دراسة حديثة لوزارة الصحة. انتفاضة العطش تنتهي بتوزيع سنوات من السجن على الشبان الذين خرجوا للتظاهر من أجل الماء فقط.. هذا ما تقوله آخر نشرة للمحاكم. تقدر خسارة الاقتصاد الوطني جراء تهريب السلع من جيب سبتة المحتلة فقط بحوالي 400 مليون دولار سنويا.. هذا ما تقوله إدارة الجمارك. ارتفع معدل الجريمة بـ25 % في المغرب خلال العشر سنوات الأخيرة فقط.. هذا ما تقوله تقارير الأمن. مليونا تلميذ مغربي يهربون من المدرسة بلا شهادة، ولا قدرة على الكتابة والقراءة والحساب في زمن الاقتصاد الرقمي.. هذا ما تقوله تقارير وزارة التربية والتعليم. الهوة الاقتصادية بين مستوى المغرب اليوم وبلدان الاتحاد الأوروبي تبلغ نصف قرن.. هذا ما يقوله البنك الدولي، أما معدل دخل الفرد المغربي اليوم فيعادل دخل الفرنسي قبل 64 سنة، أي بعدما خرجت فرنسا من الحرب العالمية الثانية منهكة ونصف مدمرة.. تقول تقارير صندوق النقد الدولي…

مازالت أمامي أرقام أخرى أكثر فظاعة، لكن، إذا ظهر المعنى فلا فائدة في التكرار، وكما يقول المثل الإحصائي: «حتى الأرقام الخاطئة تعطيك مؤشرات دقيقة عن الوضع الذي توجد فيه»، والوضع الذي نوجد فيه اليوم يفيد بأننا بلاد لا ترى أمامها مستقبلا واعدا، ولا يطمئن سكانها إلى المقبل من الأيام، لذلك ترى الغني والفقير يسعيان إلى الهجرة خارج الوطن إذا ما استطاعا إليها سبيلا.. الفقير يهاجر بجسده، والغني بماله، وكلاهما بأحلامه.

هذه هي لوحة القيادة أمام من يحكم.. البلاد «تعبانة»، ورغم كل مظاهر التحديث المادي التي تظهر على واجهة بعض المدن، مثل الرباط والبيضاء ومراكش وتطوان وأكادير… فإن عمق الدولة والمجتمع معطوب، والأكثر مدعاة إلى اليأس أن الأوضاع تزداد تفاقما في بلد يقال إنه نامٍ أو في طور النمو.

المشكل الأكبر أمام هذا الواقع أن السياسة فيه لا تشغلها هذه الأعطاب، وأن السياسيين مشغولون عن التفكير في حلول حقيقية لبلاد مازالت رهينة للمطر، ولكرم المهاجرين الذين يحولون إلى بلادهم ما يعادل ستة ملايير دولار سنويا في بلاد ميزانيتها السنوية في حدود 30 مليار دولار، وهو ما يعادل ميزانية التكوين المستمر التي تصرفها فرنسا على عمالها سنويا!

مفاتيح الأزمة ليست على الطاولة، وفي مقدمتها تعريف السلطة والاقتصاد والمجتمع..

السلطة الحديثة اليوم بالتعريف هي سلطة قابلة للاقتسام، موزعة على أكثر من مؤسسة وفرد، وكل واحدة تراقب الأخرى، وصولا إلى التوازن والإنصاف والعقلانية، وفي الأخير الديمقراطية التي تعلي من قيمة المواطن، والاقتصاد الحديث المبني على الإنتاج وليس الريع، على التنافس وليس الاحتكار، على الاقتسام العادل للخيرات وليس على «الهريف»، والباقي متروك للمبادرة الخاصة وقانون السوق والابتكار والإبداع، أما المجتمع فهو مبني على ثلاثة دعائم، الأولى هي الحرية، والثانية هي المساواة، والثالثة هي الحد الأدنى من العيش الكريم والباقي متروك لهمة الشعوب وتطور الأوطان.

في المغرب مازالت التعريفات الثلاثة المذكورة آنفا مجهولة أو غريبة أو مضببة، ولهذا نصب الماء في الرمل أو في طاحونة فارغة لا تنتج المعنى ولا التقدم، ولا الخروج من مرحلة قيل إنها انتقالية، فأصبحت دائمة بفعل خطوة إلى الأمام من أجل خطوتين إلى الوراء. هذا ما يحتاج إلى زلزال حقيقي يوقظ الغافل من سباته، ويعيد تشغيل الساعة المغربية التي توقفت منذ قرون منذ زمن السعديين، على حد تشخيص العالم السلطان مولاي حفيظ في كتابه «داء العطب قديم».

ختم محمد الأشعري ندوة نظمتها مؤسسة عبد الرحيم بوعبيد نهاية الأسبوع الماضي، بصورة شعرية تلخص الدراما المغربية.. قال: «المغرب يعاني مشكلا عويصا في بنائه الديمقراطي، فمنع بنكيران، مثلا، من تشكيل حكومته الثانية بناء على نتائج الانتخابات فضح العجز عن التوجه نحو اقتسام السلطة. للأسف، ما كنا نقوله وبقناعة قوية عن أن الحكم في المغرب فردي، لم نعد نستطيع قوله اليوم. لقد مُنحنا العطرية في صنيديقات صغيرة. لدينا أحزاب ودستور ومؤسسات انتخابية، لكنها توابل لم نستعملها حتى الآن في إعداد طبخة جيدة».

GMT 08:06 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

طوق النجاة لمباحثات الخرطوم

GMT 08:03 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

من قراءات الأسبوع

GMT 07:46 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 07:44 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

عيون وآذان (محمد بن زايد يعرف مصالح الإمارات)

GMT 07:42 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

قراءة نيابية في الموازنة قبل المجلس الدستوري

GMT 07:40 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

الإيماءات الدبلوماسية لن تحل المشكلة الإيرانية

GMT 07:38 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إرهاب إسرائيلي يؤيده ترامب)

GMT 07:36 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

سعد الحريري ورفض الأمر الواقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بلاد متعبة بلاد متعبة



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  -

GMT 01:21 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أخطاء تقعين فيها عند ترتيب مطبخكِ عليكِ تجنّبها
المغرب الرياضي  - رفض دعاوى

GMT 15:29 2013 الأربعاء ,09 كانون الثاني / يناير

عقوبات انضباطية بحقّ 41 لاعبًا كوريًا جنوبيًا

GMT 16:31 2020 الأحد ,05 إبريل / نيسان

رقم تاريخي يزين مسيرة حمد الله مع النصر

GMT 19:32 2019 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يتقدم بشكوى رسمية للفيفا ضد حمدى النقاز

GMT 22:31 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أشرف يثني على أجواء معسكر الأسود قبل مواجهة جزر القمر

GMT 09:34 2015 الأحد ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

"صلة" تحذر جماهير ديربي جدة من السوق السوداء

GMT 22:26 2017 السبت ,21 تشرين الأول / أكتوبر

بادو الزاكي يتابع مباراة الوداد واتحاد العاصمة

GMT 23:35 2016 الخميس ,29 كانون الأول / ديسمبر

سيباستيان دوسابر يحتج على مسؤولي الوداد البيضاوي

GMT 21:12 2018 الإثنين ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف صبحي يبحث التعاون الثنائي مع الوزيرة شما المزروعي
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib