استقالة صينية

استقالة صينية

المغرب الرياضي  -

استقالة صينية

بقلم ـ توفيق بو عشرين

لأن الرفيق إلياس العماري صيني الهوى، ومهتم بتجربة ماو هذه الأيام، رغم كلفتها التراجيدية في الأرواح البشرية، فإنه «أبدع» استقالة مقلدة، أي غير حقيقية، على وزن بعض السلع الصينية المعروفة في درب غلف باسم imitation، والكلمة تعني في القاموس الفرنسي تقليد سلعة ذات قيمة بأخرى تشبهها، لكنها بدون قيمة، والعهدة على قاموس Larousse.

دخل أعضاء المكتب السياسي إلى قاعة المجلس الوطني المغلقة في وجه الصحافة في الصخيرات للمصادقة على استقالة إلياس العماري، فخرجوا دون صفة، مجردين من مهامهم السابقة، فيما رجع إلياس إلى إدارة دفة الحزب خلف لجنة سيختارها من بقايا المكتب السياسي ومجالس الجهات. هذا في الوقت الذي سبق للعماري أن أعلن استقالته في ندوة صحافية، وقال إنها نهائية وغير قابلة للتفاوض لأنها نابعة من قناعة شخص لم يسبق أن اشتغل «خماسا» عند أحد. لا يحدث هذا إلا في البام الذي افتتحت جلسة مجلسه الوطني عضوة في المكتب السياسي تشتغل مرشدة دينية، افتتحت الاجتماع بآيات من الذكر الحكيم، ومن سورة الفتح تقول: إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم، فمن نكث فإنما ينكث على نفسه».

كما صعد قبل سنة ونصف إلى الأمانة العامة للجرار بالتصفيق، رجع إلياس العماري إلى مكتبه، في مقر الحزب بطريق زعير بالرباط، بالتصفيق… وكما كانت مبررات الاستقالة غامضة ومتناقضة، كانت أسباب التراجع عن هذه الاستقالة غامضة ومبهمة. هذا هو أسلوب إلياس العماري، كله مناورات وألاعيب وأعمال سحر تبهر المتفرجين، لكن عند نهاية العرض لا يصدق أحد شيئا مما رآه من حيل وخدع بصرية، فالحقائق لا تحجب بالبخور وآيات القرآن الخارجة عن سياقها، والتي تصور انتخاب أمين عام حزب (حداثي ياحسرة) على أنه بيعة غير مشروطة للإمام، وتتوعد من ينكث بالعهد بالنار، ومن يحفظ العهد بالأجر والثواب… الذي أوحى إلى السيدة التي قرأت هذه الآيات في افتتاح جلسة مخصصة للبت في استقالة الأمين العام للحزب، كان يقلد ألاعيب وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية السابق، عبد الكبير العلوي المدغري، رحمه الله، الذي كان يخرج سورة الفتح عن أسباب نزولها، ويقارن مبايعة المسلمين للرسول، صلى الله عليه وسلم، على الإيمان في المدينة، بمبايعة المغاربة للحسن الثاني في رحاب القصر… «وعلاش الديب حلال الديب حرام»، فمادام فقهاء البلاط يوظفون الدين لحيازة المشروعية السياسية، فإن فقهاء البام سيفعلون الشيء نفسه.

إلياس العماري لم يرجع فقط إلى مكانه في قيادة البام، بل انقلب على أعضاء المكتب السياسي، وجلهم أصبحوا ضده، وأعلن حل هذا المكتب السياسي الذي صنعه على عينيه، ولن يقبل أن يصير خنجرا في ظهره، لكن كل هذه المشاهد مجرد خدع بصرية، فالحقيقة توجد في مكان آخر تماما. إنها أشبه بحفل إعذار (ختانة) يرى المدعوون موسيقى وأكلا وشربا وفرحا وسرورا متدفقا في كل زوايا البيت، لكن المشهد الأهم هو حركة المقص بين فخذي الطفل، وهذه العملية المؤلمة لا يراها المدعوون بل فقط أهل الدار، وأهل دار البام وحدهم يعرفون أن إلياس العماري أقيل بقرار، ورجع بقرار، وأن عودته إلى قيادة البام، من هنا إلى بداية السنة المقبلة، هو الرد السياسي على قرار لجنة القوانين والمساطر في حزب العدالة والتنمية السماح لعبد الإله بنكيران بالترشح لولاية ثالثة على رأس المصباح.. هذه بتلك، فإذا تراجع بنكيران عن الترشح للأمانة العامة لحزبه، بعدما اتضح أن أكثر من ثلثي الحزب يريدونه أن يستمر، فإن استقالة إلياس العماري سيكتمل بدرها، وإذا أصر بنكيران على قيادة حزبه، الذي أصبح تائها بين أمواج عاتية، فإن إلياس قد يرجع إلى حزبه ليمارس التشويش على الحكومة، وعلى حزب المصباح، وعلى مرحلة بكاملها… وإلا فلا تفسير لكل ما جرى يوم الأحد الماضي في الصخيرات، فالأمين العام للتراكتور قال: «إنه غير راضٍ عن أداء منتخبيه في الجماعات والبرلمان، وإنه يتحمل المسؤولية في اختيارهم، وإنه لما سمع خطاب العرش أحس بأنه معني به، وإنه لكل هذه الأسباب استقال من منصب الأمين العام للحزب»، فماذا استجد الآن حتى تراجع عن استقالة غشت؟ لا شيء وقع بين تاريخ الاستقالة وتاريخ التراجع عنها، غير نتيجة التصويت التي خرجت من لجنة القوانين والمساطر في حزب العدالة والتنمية.

الذي يفكر بهذه الطريقة ينسى أن إلياس العماري بالنسبة إلى بنكيران مثل أرنب سباق، وأن سائق التراكتور لا يضعف قائد المصباح، بل بالعكس ينشط الدورة الدموية في عروقه، ويحفزه على النزال والعراك، مثل مادة الأدرينالين في جسم الإنسان، والذي يريد أن يتأكد من هذه الحقيقة فما عليه إلا أن يرجع إلى الأرقام القياسية التي حطمها بنكيران منذ ظهور البام في حلبة السباق.

GMT 08:06 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

طوق النجاة لمباحثات الخرطوم

GMT 08:03 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

من قراءات الأسبوع

GMT 07:46 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 07:44 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

عيون وآذان (محمد بن زايد يعرف مصالح الإمارات)

GMT 07:42 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

قراءة نيابية في الموازنة قبل المجلس الدستوري

GMT 07:40 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

الإيماءات الدبلوماسية لن تحل المشكلة الإيرانية

GMT 07:38 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إرهاب إسرائيلي يؤيده ترامب)

GMT 07:36 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

سعد الحريري ورفض الأمر الواقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استقالة صينية استقالة صينية



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  -

GMT 01:21 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أخطاء تقعين فيها عند ترتيب مطبخكِ عليكِ تجنّبها
المغرب الرياضي  - رفض دعاوى

GMT 20:35 2018 السبت ,14 تموز / يوليو

4 ساعات جوا في رحلة الوداد إلى كوناكري

GMT 20:23 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

معلومات مهمة لعشاق رونار

GMT 10:49 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

عطب إداري

GMT 10:33 2017 الإثنين ,10 إبريل / نيسان

عين العدل

GMT 15:48 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

مدرب ليستر سيتى يشيد بالجزائري رياض محرز

GMT 09:13 2017 الأربعاء ,12 إبريل / نيسان

برامج الطبخ بين الفائدة والتسلية

GMT 11:29 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

أسود هولندا وحراك الريف

GMT 14:42 2019 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

عموتة يرخص للاعبي بركان بمغادرة تجمع المحليين

GMT 00:42 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أمبارك بوصوفة يهدي تأهل المغرب لمونديال روسيا للجماهير

GMT 05:09 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

رضوان جيد حكما لمباراة الكوكب والفتح الرباطي

GMT 06:49 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

الغموض يلف مستقبل كوندي مع الفتح الرباطي

GMT 20:46 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

اتحاد طنجة يفرض التعادل على الجيش الملكي
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib