العقار عش الدبابير

العقار عش الدبابير

المغرب الرياضي  -

العقار عش الدبابير

توفيق بو عشرين

اختارت رئاسة الحكومة، في العام الأخير من عمرها، أن تسلط الضوء على إحدى أكثر المناطق المظلمة في المغرب، حيث ينتعش الفساد والريع والتفاوتات الاجتماعية والظلم والاعتداء على الملكية… الشعار المرفوع في هذه المناظرة، التي انطلقت يوم أمس في الصخيرات، هو مساءلة السياسة العقارية للدولة وعلاقتها بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وكيف يمكن لسياسة الدولة في هذا المجال الحيوي أن تخلق الثروة. هذا هدف كبير ومتفائل جدا.. ما رأيكم أن ننزل من سقف هذا التفاؤل، وأن نطلب من الدولة أن تلتزم فقط بعدم إفقار الناس من وراء سياستها العقارية، أما إغناؤهم فهذه وظيفة لا تعرفها الإدارة في المغرب، وهي لم تعتد خلق الثروات.

إذا وضعت الحكومة إطارا تشريعيا وتنظيميا جديدا للسياسات العقارية في المغرب، وإذا وضعت آليات لمحاسبة ومراقبة الموظفين الكبار والصغار المسؤولين عن «جرائم العقار في المغرب» سنكون قد حققنا هدفا نبيلا، أما أن يصير العقار رافعة للتنمية وأداة للاستثمار، وطريقة لتهيئة المجال، فهذه أهداف قريبة من الحلم لا من الواقع.

 هل للدولة سياسة عقارية تهدف إلى التنمية الاجتماعية والاقتصادية؟ هل الدولة تضمن الأمن العقاري للمواطنين تسجيلا وتحفيظا؟ هل تعوض الدولة المواطنين عن نزع الملكية بالثمن المناسب وفي الوقت المناسب؟ هل تلزم الدولة بتنفيذ الأحكام الصادرة ضدها في المنازعات القضائية حول الأراضي والعقارات؟ هل أراضي الجموع وأراضي السلاليات موضوعة في أياد آمنة، والدولة تتصرف فيها بعدالة وإنصاف وإعطاء كل ذي حق حقه؟ هل المحافظ العقاري رجل قانون يطبق النصوص في احترام تام للملكية والتعاقد بين الأفراد والمؤسسات، وأن عمله لا يخضع لأهوائه أو تأثير هاتفه أو الأسماء الموضوعة على الملفات؟ هل أملاك المغاربة والأجانب مؤمنة أم مستباحة أمام عصابات السطو المحترف على حقوق الغير؟ كم عدد الأراضي والمباني غير المحفظة في المغرب، والذي يجعل منها ثروات هائلة خارج الدورة الاقتصادية لا تباع ولا تشترى ولا تكرى؟

هذه الأسئلة في طياتها أجوبة، والموضوع ذو شجون وسجون، وملخصه أن المملكة لا تتوفر على حماية كاملة وتامة لملكية الأرض أو العقار، وأن الإدارة يمكن أن تنزع منك أرضك ولا تعوضك، وإذا ذهبت إلى القضاء وصدر حكم لصالحك، بعد طول عمر، فإن الدولة لا تنفذ تلك الأحكام، وتقول لك إن الميزانية لا تسمح (هل قرأتم الرقم الذي خصصته الحكومة في مشروع القانون المالي لتنفيذ الأحكام القضائية وأداء التعويضات؟ لقد خصصت 800 مليون درهم، فيما مجموع التعويضات التي حكم بها القضاء ضد الدولة حوالي 30 مليار درهم). هذا معناه أن المواطنين سيقفون في طابور طويل لمدة عشرات السنين قبل أن يصل دورهم لكي تصرف لهم الإدارة تعويضاتهم. هل هذه أحكام حائزة قوة الشيء المقضي به؟

إذا كانت الإدارة لا تملك ثمن الأرض التي تنزعها من المواطنين للمنفعة العامة فلماذا تتخذ قرارا خطيرا مثل هذا دون دراسة ولا تفكير؟ أكثر من هذا، جل الأراضي التي تنزع من المواطنين لا تستغل للمنفعة العامة، بل تظل معلقة لسنوات طويلة تعشش فيها النباتات الضارة وبراريك السكن العشوائي… وعندما تخرج لجنة لتقويم أملاك المواطنين المنزوعة منهم فإنها تقيم الأرض بثمن التراب، دون مراعاة ثمن السوق، وهو ما يجعل القضاء يحكم ضد الإدارة بالمليارات، فيما هي تتصرف باستهتار لأنها تعرف أن الأحكام القضائية الصادرة ضدها «غير ملزمة». أكثر من هذا، بالرجوع إلى مجلدات الأحكام القضائية الصادرة ضد المحافظات العقارية في البلاد يتضح أن الأغلبية الساحقة لهذه الأحكام الصادرة في منازعات التحفيظ هي ضد إدارة هذه المحافظة التي «لا تحافظ على شيء»، وأن جل عناصر جيش المحافظين العقاريين يتصرفون بالمزاج ولأهداف أخرى لا علاقة لها بدورهم في التأمين العقاري، وهذا طبيعي لأن المشرع أعطاهم سلطة تقديرية واسعة في قوانين وضعت في «زمن الرصاص»، حيث وضع القانون نفسه عراقيل أمام متابعتهم شخصيا عن القرارات التي يتخذونها، ولهذا تحولوا إلى مقيمين عامين يتحكمون في خارطة الملكية في المغرب.

في مناظرة سياسة العقار وجه الملك رسالة مهمة إلى هذا اللقاء، أختار منها هذه الفقرة المعبرة: «ندعو إلى الانكباب على مراجعة وتحديث الترسانة القانونية المؤطرة للعقار، بشقيه العمومي والخاص، بما يضمن حماية الرصيد العقاري وتثمينه، والرفع من فعالية تنظيمه، وتبسيط مساطر تدبيره، لتمكينه من القيام بدوره في تعزيز الدينامية الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا».

GMT 08:06 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

طوق النجاة لمباحثات الخرطوم

GMT 08:03 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

من قراءات الأسبوع

GMT 07:46 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 07:44 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

عيون وآذان (محمد بن زايد يعرف مصالح الإمارات)

GMT 07:42 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

قراءة نيابية في الموازنة قبل المجلس الدستوري

GMT 07:40 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

الإيماءات الدبلوماسية لن تحل المشكلة الإيرانية

GMT 07:38 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إرهاب إسرائيلي يؤيده ترامب)

GMT 07:36 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

سعد الحريري ورفض الأمر الواقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العقار عش الدبابير العقار عش الدبابير



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 15:29 2013 الأربعاء ,09 كانون الثاني / يناير

عقوبات انضباطية بحقّ 41 لاعبًا كوريًا جنوبيًا

GMT 16:31 2020 الأحد ,05 إبريل / نيسان

رقم تاريخي يزين مسيرة حمد الله مع النصر

GMT 19:32 2019 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يتقدم بشكوى رسمية للفيفا ضد حمدى النقاز

GMT 22:31 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أشرف يثني على أجواء معسكر الأسود قبل مواجهة جزر القمر

GMT 09:34 2015 الأحد ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

"صلة" تحذر جماهير ديربي جدة من السوق السوداء

GMT 22:26 2017 السبت ,21 تشرين الأول / أكتوبر

بادو الزاكي يتابع مباراة الوداد واتحاد العاصمة

GMT 23:35 2016 الخميس ,29 كانون الأول / ديسمبر

سيباستيان دوسابر يحتج على مسؤولي الوداد البيضاوي
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib