الخيال الهوليوودي وحجة الواقع في الدراما العربيَّة

الخيال "الهوليوودي" وحجة الواقع في "الدراما العربيَّة"

المغرب الرياضي  -

الخيال الهوليوودي وحجة الواقع في الدراما العربيَّة

غيث حمّور
بقلم - غيث حمّور

المقارنة سلوك وفعل إنساني نطبقه في مختلف مناحي الحياة، فهذا السلوك أو الفعل يكشف ملامح الخلل والقصور، ويكشف أسباب الاختلاف غير المبرر أو غير المفهوم.

المتابع للدراما الغربية خصوصًا "الهوليودية" منها، لا يمكنه إلّا أن يقوم بمقارنة مع ما يتم إنجازه في عالمنا العربي من "دراما" (أفلام ومسلسلات).

رغم أن المقارنة على المستوى الفني قد تكون مجحفة في ظل الفرق الواضح في الإمكانات ورؤوس الأموال والتقنيات، إلا أن المقارنة الفكرية لا بد منها، في ظل الشح الذي يعانيه الفن العربي مقارنة مع نظيره الغربي "الهوليوودي"، والأوروبي.

الحجة الدائمة التي يقدمها القائمون على "الدراما العربية" هي محاكاة الواقع وإعادة تقدميه وتقويمه وإيجاد الحلول له، ولكن مع الأيام أضحت هذه الحجة مكررة ولا تسمن من جوع، فالأفكار التي تقدمها "الدراما العربية" بأنواعها المختلفة اجتماعية، وتاريخية، و"كوميدية" تعيد ذاتها بشكل واضح، لا بل تمارس عملية اجترار فكري "مخزي".
في المقابل نجد "دراما" أجنبية "هوليودية" خلاقة متكاملة، دائماً ما تقدم الجديد والملفت فكرياً، فالقائمون عليها يبحثون بشكل دائم عن التجديد، وعن القضية التي تجذب الانتباه وتلفت الأنظار.

وحين يقدم الفنانون العرب الأعمال التاريخية مجرّدة من بعدها الحياتي والاجتماعي والتاريخي أيضاً، ومقحمة ومحملة بحجة تقديم إسقاطات تاريخية على الواقع الحالي المعاش، كمسلسلات البيئة الشامية "باب الحارة نموذجاً"، أو مسلسلات كـ(كليو بترا، والملك فاروق، وربيع قرطبة)، نجد في المقابل الأعمال الغربية الجذابة والاحترافية تقدم أفكاراً وأطروحات عبر حبكات خاصة متغيرة كـ(تيودورس، وروما، وفايكينغ، وبورجس، ولعبة  العروش).

وتنتج "الدراما" العربية أعمالا اجتماعية (مستمدة من الواقع كما يقول القائمون عليها) تظهر خاوية ومفرغة من أي فكرة كـ(الخطيئة، ودلع البنات، وحدث في دمشق، وصرخة روح) لنشاهد أعمالاً بعيدة كل البعد عن الواقع المزمع تقديمه، من جهتها "هوليوود" تنتج أعمالا تعيد صياغة "الدراما" الاجتماعية في كل موسم ومع كل عمل كـ(غرفة الأخبار، والزوجة الجيدة، وتشريح غريس) تقدم عبرها القضايا والمشاكل الحياتية بطريقة واقعية مع إبداع فني وفكري، ويبقى عنصر الجذب أساساً لهذه الأعمال.

الأمر مشابهاً في الأعمال الكوميدية، فحين نقدم (عيلة خمس نجوم، وعفاريت محرز، والكبير، وسوبر فاميلي، وطاش ما طاش، وبكرة أحلى) أعمالاً تعتمد الإضحاك والتهريج، يقدم الغرب أعمال كـ(الأصدقاء، وكيف قابلت أمك، وفتاتان مفلستان) تعتمد "كوميديا الموقف."

إذا استثنينا المستوى الفني بحكم الفوارق التي ذكرناها سابقاً، فإن الفوارق على المستوى الفكري تؤكد شح الأفكار، وغياب المخيلة، وهما أمران ليسا في حاجة لتقنيات أو أموال.

فالدراما الغربية تقدم في معظم أعمالها الجديد والمتجدد فكرياً، في حين تقدم الدراما العربية طفرات تحمل التجدد بينما يتسم معظم إنتاجها بالتكرار والاجترار والسطحية.

الخيال الخصب والمتجدد القادر على الخلق والإبداع المتواجد في الغرب، يقابله غياب للخيال وتجمد للأفكار في عالمنا العربي الذي مازال فيه القائمون على "الدراما" يضعون حجة (الواقع) ذريعة لفشلهم واجترارهم لأفكار بالية مكررة وخاوية.

هذه المقارنة البسيطة لا تكشف فقط الخلل والقصور الكبيرين الذي يعانيه الفن العربي، بل هي مثال يراه البعض في مجتمعاتنا العربية عمومًا وفي مناحي الحياة الأخرى كلها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخيال الهوليوودي وحجة الواقع في الدراما العربيَّة الخيال الهوليوودي وحجة الواقع في الدراما العربيَّة



GMT 17:55 2019 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

عالم الأمومة المفخخ

GMT 12:05 2019 الإثنين ,20 أيار / مايو

أجيال

GMT 19:07 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

هذا ما أراده سلطان

GMT 14:38 2018 الإثنين ,23 تموز / يوليو

الحُرّيّة

GMT 13:04 2018 الأربعاء ,18 إبريل / نيسان

الموت كتكتيك أيدولوجيّ

GMT 10:11 2018 الجمعة ,23 آذار/ مارس

فلسفة الموت

GMT 00:01 2018 الخميس ,08 آذار/ مارس

زيارة للبلد متعدد الأعراق ومتنوع الثقافات

GMT 19:26 2021 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

شتوتجارت يكتسح أوجسبورج برباعية في الدوري الألماني

GMT 18:34 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

البنزرتي يُؤكِّد عودته للوداد رغم المشاكل التي يُعانيها

GMT 13:37 2018 الأحد ,21 تشرين الأول / أكتوبر

مدرب الوداد يستدعي الكوثري لمواجهة مولودية وجدة

GMT 14:24 2013 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

توفيق اجروتن لم يلتحق بفريق "الأمل"

GMT 23:53 2018 السبت ,28 إبريل / نيسان

سيباستيان فيتل يسجل أسرع زمن في" فورمولا1"

GMT 02:55 2014 الأحد ,05 تشرين الأول / أكتوبر

يوسف العربي يتألق ويسجل ضد مالقة رغم الخسارة

GMT 16:41 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

المغرب الفاسي يفوز على أمل الوداد وينفرد بالصدارة

GMT 02:20 2015 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

إيقاف مهاجم "المغرب التطواني" بورزوق لمدة ست مباريات

GMT 09:40 2014 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"مانيونايتد" يلتقي "السيتيزن" في صراع السباق على الصدارة
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib