تهافت الخطاب الاسلامي المعاصر 15

تهافت الخطاب الاسلامي المعاصر 1/5

المغرب الرياضي  -

تهافت الخطاب الاسلامي المعاصر 15

بقلم - بشير بن شيخة

يعاني الفكر الديني المعاصر في المجتمعات العربية من معضلة رفض قطاع واسع من المتلقين لخطابه لكل مشروع فكري يقود إلى إجراء عملية تفكيكية تحليلية نقدية تبحث في البنية التاريخية العميقة التي انتجت أزمته الفكرية السابقة والراهنة، وهذا الرفض الشديد الذي تبديه المجتمعات الدينية هو الذي يجعل أقطاب ومؤسسي الخطاب الاسلامي المعاصر يعرضون عن أي محاولة للتأسيس الفلسفي والعقلاني لخطاباتهم أوالسعي الحميد إلى إيجاد أصالة بحثية ومنهجية تسند أقوالهم وكتاباتهم كما يجري في جميع التخصصات التي تعتني بالظواهر الاجتماعية والانسانية والدينية والتراثية في المجتمعات المتحضرة ، هذه التخصصات العلمية الحديثة التي سعت بجدية إلى تأسيس مناهج علمية شديدة الصرامة لقراءة التراث الإنسانيّ، في كلّ مستوياته الأدبيّة والفنيّة والروحيّة، والاجتماعية والأسطورية ولأجل بناء وعي انساني سليم وعقلاني متقدم بالتاريخ والتراث البشري في مسيرته الحافلة. كالتأويلية الهيرمينوطيقية التي اشتغل عليها كل من شلاير ماخر وفلهيلم دلتاي وبول ريكور وغادامير.

واذا كانت التيارات الاصلاحية والاحيائية الاسلامية التي فشلت منذ قرنين من الزمان في عملية أسلمة المجتمع وفق المنهج التراثي والتي رفعت منذ البداية شعارها البائس المتمثل في مقولة تراثية عزائية هي: لا يصلح آخر هذه الأمة الا بما صلح به أولها، وذلك ابتداءً من محمد بن عبد الوهاب إلى محمد عبده إلى وحيد الدين خان والمودودي إلى ابن باديس إلى محاولات حسن البنا وسيد قطب وكل أدبيات الاخوان وغيرها من التيارات الاسلامية الاحيائية التي ازدهرت في القرن العشرين فإن التيارات التي تريد ان تخلفهم في القرن الواحد والعشرين ستؤول هي أيضًا إلى نفس العقم ونفس الانحراف والى نفس المصير المظلم الذي آلت اليه الخطابات السابقة وذلك أنها دأبت منذ البداية على تكرار نفس المسلمات الخاطئة والانبعاث من نفس المنطلقات واليقينيات والاطلاقات المضللة، متجنبة إحداث أية قطيعة معرفية ابستيمولوجيًا أو منهجية معها، ومن ثم سترى كيف أن هذه الخطابات التجديدية ولدت ميتة في مهدها وأنها لا تحمل من مضمون التجديد الا الاسم والمظهر فقط بينما يؤطر انطلاقتها في الباطن فكر متضعضع ومكرر و غير واثق من مناهجه ولا من أرضياته المعرفية و من ثم فهو قد ظل مفصولًا تمامًا عن التطورات الحاصلة في الوعي البشري العالمي حول ذات المسائل، وأمثال هذه الخطابات التي تتكاثر كالفطريات يمثلها أكثر من منبر وأكثر من موقع، كخطابات عدنان ابراهيم وعمرو خالد وطه عبد الرحمان والمرزوقي، محمد عمارة وطه جابر العلواني وطارق رمضان، وزغلول النجار و والداعية الهندي محمد ذاكر والعريفي والقرضاوي..الخ هؤلاء جميعًا ينطلقون من مسلمة باهتة وساذجة تفتقد إلى أية متانة علمية او معرفية ، مسلمة متهافتة ترى أنه يمكننا أن نعيد تأويل النص الديني التاريخي وفق إحداثيات العصر بحيث نمكن المسلم المعاصر من استيعاب تيار الحداثة وكل منتجاتها الفكرية والمعرفية والمادية من جهة ولأجل انتاج مسلم عصري يؤدي الطقوس الدينية كاملة ومن ثم يبقى مواليًا ومبايعًا ضمنيًا لجميع المنطلقات الكبرى للفكر الديني وما يتبعها من ولاءات هووية وقبلية ولغوية من جهة أخرى

وهكذا في نظرهم سيتمكنون من ضرب عصفورين بحجر واحد بأن يضمنو اندماج مجتمعاتهم في شروط الحياة المعاصرة بكل تعقيداتها ومخرجاتها التقنية والمعرفية بالتوازي مع ضمان استمرار حيوية الدين وروحانية الاصطفاء الموروثة في اجيالهم الحاضرة واللاحقة..الخ

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تهافت الخطاب الاسلامي المعاصر 15 تهافت الخطاب الاسلامي المعاصر 15



GMT 11:33 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يَموت حقٌّ لا مقاومَ وراءَه

GMT 17:37 2018 الخميس ,06 كانون الأول / ديسمبر

أخونة الدولة

GMT 13:49 2018 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

عدن مدينة الحب والتعايش والسلام

GMT 14:02 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

ٰ مواطن يمني يبحث عن وطن بدون حواجز

GMT 09:13 2018 الجمعة ,16 آذار/ مارس

الفرار الى الله هو الحل

GMT 15:28 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

‏عام يمر بكل ما فيه وكثير من الأحلام مُعلقة

GMT 15:29 2013 الأربعاء ,09 كانون الثاني / يناير

عقوبات انضباطية بحقّ 41 لاعبًا كوريًا جنوبيًا

GMT 21:12 2018 الإثنين ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف صبحي يبحث التعاون الثنائي مع الوزيرة شما المزروعي

GMT 15:53 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

انطلاق دوري كرة الصالات المغربي في 5 تشرين الثاني

GMT 09:09 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

جماهير الوداد تتعرض للاعتداء في جنوب أفريقيا

GMT 17:05 2013 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

بركات يغيب عن مباراة غزل المحلة

GMT 19:19 2013 الجمعة ,27 أيلول / سبتمبر

إيقاف لاعب تاهيتي لتعاطيه مادة محظورة

GMT 21:31 2013 الإثنين ,11 شباط / فبراير

فيا يغيب عن برشلونة بسبب حصوات الكلى

GMT 10:46 2019 الثلاثاء ,26 شباط / فبراير

حسين يُطالب الأندية بضرورة الابتعاد عن المزايدات

GMT 07:38 2012 الجمعة ,14 أيلول / سبتمبر

الإصابة تحرم برشلونة من جهود انيستا في مباراتين
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib