الرئيسية » قصص وروايات

الرباط - المغرب اليوم

وصلت الى رفوف المكتبات الهولندية رواية الأديب الهولندي ذي الأصل المغربي محمد بن زكور، التي قد صدرت قبل أيام خلت عن دار النشر ‘خوش' في 220 صفحة. وتجدر الاشارة أن محمد بن زكور من الأدباء والمثقفين الشباب الذين برزوا في السنين العشر الأخيرة، واستطاع أن يفرض نفسه بشكل لافت للإنتباه في الحقل السردي الهولندي، وتثمينا لجهوده هذه كرم من طرف مؤسسات رسمية وغير رسمية ونال جوائز أدبية كثيرة. ينحدر محمد بن زكور من أسرة ريفية، حملها شظف العيش وقسوة الحياة على الهجرة باتجاه الشرق، اذ لم يكن أحد على دراية بما تخفيه مقبلات الأيام من مفاجآتّ، فكان الشرق الفضاء الذي شكل أسرة بن زكور، بعد ذلك هاجرت الأسرة مرة ثانية، لكن الهجرة هذه المرة كانت صوب هولندا، الى إحدى ضواحي مدينة روتردام. لم يكن محمد قد تجاوز سنه الثالثة. وفيها استكمل تعليمه. وتجدر الاشارة أنه قد تتلمذ على يد السياسي اليميني بيم فرتاون الذي اغتيل سنة 2002 من قبل أحد النشطاء لآرائه اليمينية. ظل محمد طيلة السنين العشر الأخيرة، مساهما في النقاش الدائر في الأوساط الثقافية والسياسية الهولندية، حول قضايا الدين، الهجرة، التعدد الثقافي، الهويات بل دفاعه المستميت عن قضايا المغاربة في المجتمع الهولندي، محاولا فكفكة سردية ما اصطلح عليه بالمشكلة المغربية. ‘يما' التي تعني بالريفية أمي، كان عنوان آخر رواية صدرت قبل أيام قليلة، ويتدارك محمد هذا العنوان بعنوان جانبي ‘حياة صمت لأم مغربية'، وكأنه بهذا يخبرنا أن أمه عاشت طيلة حياتها في صمت، وهاهي الآن قاربت لحظة الرحيل جراء مرضها وسترحل عنا في صمت، وستدفن في صمت، وما ذا عساني أن أفعل، الا أن أخترق هذا الصمت الرهيب وأن أمنح ليما صوتا، أتحدث من خلاله بالنيابة عنها، وهو بذلك صوت كل الأمهات المهاجرات المنسيات بالغربة والبعيدات عن الأهل والوطن. الرواية تحكي معاناة أم محمد مع المرض الذي ألم بها فجأة، قادتها الأقدار الى احد المستشفيات للعلاج. عملية جراحية واحدة كانت كافية لكي تجعل من أم محمد جثة هامدة، متخشبة على أحد أسرة المستشفى، لا تقوى على الحركة ولا على أن تنبس ببنة شفة. هذا ما فرض على الأسرة الاعتناء الدائم والمستمر بالأم، هذه الأخيرة التي استطاعت طيلة حياتها أن تعتني بأبنائها الخمسة، لكن هؤلاء الخمسة عجزوا على الاعتناء بالأم الواحدة،لعله الكاتب يشير الى تعقد الحياة الأوربية وتنامي الفردانية بين أبناء الأسرة واضمحلال القيم والبنيات الأسرية التقليدية، القائمة على التكافل والتضامن والاعتناء بالوالدين. وتجدر الاشارة أن ثمة دراسات اجتماعية كثيرة لمحت لهذا التحدي، الذي سيجابه أسرا مسلمة كثيرة، وأن المسار كفيل بأن ينحو نفس النحو الذي نحته الأسر الأوربية. صاحبت معاناة أم محمد من المرض، معاناتها أيضا من البرامج وبرتوكولات المستشفيات التي لا تولي أي اهتمام للفضاء التداولي الذي ينتمي اليه المريض يماس نمحمذ .فأم محمد لم يجرأ أحد على الجلوس بجانبها طيلة حياتها الزوجية التي تجاوزت الخمسين عاما الا والد محمد، وها هي الآن نائمة في قاعة علاج بمقابلها يعالج ثلاثة رجال غرباء عنها، أما كان من الأجدر أن تحظى يما بسرير في غرفة خاصة بالنساء فقط ؟ سؤال طرحه محمد مرارا و تكرارا لكن الأجوبة كانت دائما جاهزة، أحيانا تحيل على التقشف من جهة وأحيانا على نقص الامكانات و كثرة الطلب من جهة ثانية. أم محمد لم تعد قادرة على التحدث اليه، هنا كانت الحاجة ملحة للترويض اللغوي. بدأت سلسلة الترويض اللغوي الذي عمل خصيصا للمرضى من'أصول هولندية قحة، القائم على أسلوب لغوي مسبوك، لا يكاد يدرك فحواه الا من تخصص وتعمق في عوالم هذه اللغة، ناهيك عن الأم التي لم تعرف قط طريقا نحو المدرسة. فما كان من الطبيبة المختصة الا أن تخلص الى النتيجة المنطقية والطبيعية التي مفادها أن الأم لن يكون بمقدورها أن تتحدث بعد اليوم، عندئذ أشار محمد على الطبيبة بوضع برنامج خاص بها، يراعى فيه ما سبق للأم أن حفظته، كبعض سور'القرآن الكريم التي ظلت الأم طيلة حياتها تتلوها آناء الليل وأطراف النهار، لكن الجواب لم يطل طويلا' أتريد مني أن أدرس وأتعمق في الاسلام. كثيرة هي المشاهد التي وصفها الكاتب لمعاناة الأم والأسرة من البرامج الصحية التي لاتولي ولو قسطا ضئيلا من الاهتمام للقيم غير المسيحية، مما يجعل الألم مضاعفا. بكلمة، ‘يماَ' هي لسان حال كثير من الأمهات الصامتات في ديار الغربة والهجرة، كتبت بلغة سردية، حكائية، مسبوكة وراقية. مطعمة بالمعجم الأمازيغي الريفي الذي هو في نهاية المطاف معجم يما.

View on moroccosports.net

أخبار ذات صلة

نعيم صبري يستعيد زمن عبدالحليم حافظ في رواية "صافيني…
أشرف الخمايسي يهدي رواية"جو العظيم" إلى أحمد خالد توفيق
رواية "كل نفس" لنيكولاس سباركس تتصدر أعلى المبيعات
"بيت الحكمة" يصدر ترجمة "مذكرات بائع الخضار" إلى العربية
مناقشة كتاب "سعاد حسنى بخط يدها" فى مؤسسة بتانة…

اخر الاخبار

العثور على مصاحف وسط القمامة في المدينة المنورة و"الشؤون…
تفاصيل مُثيرة عن حقيقة اختطاف فتاة قاصر من مطار…
نهاية مأساوية لأخ حاول فضّ عراك بين شقيقه وشخص…
شاب يسلم نفسه إلى شرطة تطوان بعدما ذبح خليلته…

فن وموسيقى

ناهد السباعي ترفض قطعيًا أن تكون الزّوحة الثّانية
إليسا تعود لصديقاتها من جديد وتُمارس تمارينها الرياضية
الفنان أحمد عز يفتح صندوق أسراره وجديد أعماله
جمال سليمان يشيد بالترحيب بالسوريين المقيمين في مصر

أخبار النجوم

سُميَّة الخشاب تُقرِّر العودة إلى السينما بفيلم وسيناريو جديد
محمد الشرنوبي يتجاهل الحديث عن خطوبته من سارة الطباخ
طليقة وائل كفوري تستعرض جمالها وتكسر الحصار
حسن الرداد يُكشف كواليس مسلسه الرمضاني "الزوجة 18"

رياضة

ليونيل ميسي يسجل هدفا متأخرا لإنتر ميامي لكنه لا…
مدرب موناكو يؤكد اقتراب عودة بول بوغبا إلى الملاعب…
لامين يامال يشعل التوتر قبل الكلاسيكو بتصريحات مثيرة
رونالدو يحتفل بهدفه رقم 950 ويؤكد استمراره في تحطيم…

صحة وتغذية

احذر إهمال ارتفاع ضغط الدم ولا تتجاهل علامات الوجه
دراسة تؤكد أن الرضاعة الطبيعية تقلل خطر الإصابة بـ"الربو"
بريطانيّة تُنقذ حياة ابنها بعد أن لاحظت إحمرارًا على…
لصقة من جلد الإنسان تحدث ثورة في علاج القلب

الأخبار الأكثر قراءة