الرئيسية » تقارير
حرائق مزارع النخيل في سومطرة تخلق فئة جديدة من لاجئي المناخ

جاكرتا - المغرب اليوم

يبدو بأن سكان مدينة بيكانبارو، التي تضم حوالي 900,000 نسمة والتي تعتبر عاصمة اقليم رياو في جزيرة سومطرة في إندونيسيا، قد ضاقوا ذرعاً من الدخان السام الكثيف الذي ابتليت به مدينتهم، والذي يبدو بأن سببه الأساسي هو الحرائق التي يتم إضرامها لإخلاء وتنظيف أراضي مزارع زيت النخيل ، وهذا ما يجعلهم يفكرون ملياً في تركها والانتقال للعيش في أماكن أخرى.

سكان هذه المدينة ليسوا الوحيدين الذين يعانون من هذه المشكلة، فالكثير من الأشخاص الذين يعيشون في جنوب شرق آسيا بدؤوا يعيدون التفكير في المكان الذي يعيشون فيه، فالدخان يجتاح معظم أنحاء المنطقة في كل عام، ويغطي معظم مناطق إندونيسيا وكذلك سنغافورة وماليزيا، وعلى الرغم من أن الأمر كان يتكرر على مدى عقود من الزمن، ولكنه يبدو بأنه أصبح لا يطاق في هذا العام، وذلك بسبب الجفاف الذي زاد سوءاً بعد ظاهرة النينيو المناخية.

دفعت شدة الدخان هذا العام البعض للانتقال للعيش مع أقاربهم، ويحاول بعضهم الآخر تلقي المساعدة من قبل أرباب عملهم للانتقال من المكان الذي يعيشون فيه إلى مكان أفضل قليلاً، في حين أخذ قسم آخر من السكان إجازات طويلة حتى ينجلي الدخان عن المدينة ويعود إليها الهواء النظيف.

مسألة حياة أو موت

قد يكون الخروج من البلدة أو الانتقال بشكل دائم خطوة ذكية، حيث وجدت دراسة تم إجراؤها في عام 2012، بأن التعرض المرتفع للدخان خلال السنوات التي تسود فيها ظاهرة النينو يتسبب بحوالي 15,000 حالة وفاة مرتبطة بأمراض القلب والأوعية الدموية بين البالغين خلال عام واحد في جنوب شرق آسيا، وما يثير القلق بشكل خاص هو أن الدخان الناتج عن الحرائق المشتعلة التي يتم إضرامها في الأراضي الجافة والذابلة، والتي تمتد جذورها في عمق التربة، يصعب إطفاؤها، وتنتج كميات هائلة من الأدخنة الضارة، أكثر بكثير من حرائق الغابات.

تبعاً لصحيفة (Straits Times) في سنغافورة، فإن بيكانبارو تتلقى حالياً أكثر الأمواج الدخانية كثافة في إندونيسيا، حيث وصل مؤشر معيار تلوث الهواء في بيكانبارو إلى مستويات مذهلة تناهز الـ984 في منتصف شهر أيلول الماضي، علماً بأن القراءات التي تكون ما بين 200-300 تعتبر إشارة إلى أن الهواء في المنطقة غير صحي، وأي قراءة تتجاوز الـ300 تعتبر خطراً على صحة الإنسان، تبعاً لما أشار به أحد الأطباء، لذا فإن القراءات التي تصل إلى مستوى 984 يجب أن يقابلها إجراءات إخلاء فورية، مشيراً إلى أن مثل هذه المستويات يمكن أن تسبب الغثيان، الضعف البدني، وحتى السرطانات على المدى الطويل، وبالفعل فإن العديد من سكان بيكانبارو بدؤوا بالانتقال منها.

أحد الأمثلة ذلك هي (ريا هيلينا براتيوي) وهي أم عزباء قررت الانتقال إلى جاكرتا مع أمها، ولكن من أجل ذلك سيكون عليهما التخلي عن المطعمم المفتوح في الهواء الطلق الذي يمتلكانه، والذي لم يكن على أية حال يستقطب أي زبائن تقريباً خلال الأشهر الثلاثة الماضية، حيث أن معظم الأشخاص في المدينة اختاروا البقاء في الأماكن المغلقة تفادياً للدخان.

في الوقت الذي يتوجب فيه على (براتيوي) ووالدتها دفع مصاريف انتقالهما بأنفسهم، فقد استطاع بعض السكان المحظوظين الحصول على مساعدة من أرباب عملهم للانتقال، فمثلاً، بدأ بنك اندونيسيا الذي يقع مقره في بونتياناك عاصمة اقليم غرب كاليمانتان، مؤخراً، بإخلاء عائلات موظفيه، وذلك لأن هذه المدينة تقع على جزيرة بورنيو، التي تعتبر إلى جانب سومطرة من أكثر الأماكن التي تشهد نشاطاً كثيفاً في صناعة زيت النخيل، كما حث البنك أيضاً أسر وأطفال العاملين في باليمبانج في سومطرة على نقل منازلهم إلى الطرف الجنوبي من الجزيرة، حيث تعتبر نوعية الهواء هناك أفضل.

تبعاً لـ(ديوي سوسلامانتو) رئيس البنك المركزي في كاليمانتان الغربية، لا يمكن الاعتماد على الجهد البشري لإدارة هذه الكارثة، والأمل الوحيد هو هطول الأمطار، وألا يعاود الأشخاص الذين قاموا بإضرام الحرائق تكرار ما فعلوه في السنوات القادمة.

أثر الدخان على الماء

أثار الدخان بعض التساؤلات عما إذا كانت سنغافورة – التي تقع بجوار سومطرة عبر مضيق ملقا- مكاناً صالحاً للعيش أيضاً، فعلى الرغم من المكانة العالية التي تحتلها في العديد من دراسات العيش، فإنه قد لا يكون بالإمكان حل مشكلة الدخان نظراً لمدى فساد وعدم فعالية الحكومة الأندونيسية، وفي ظل عدم وجود حل في الأفق، يبدو بأن المشكلة ستزداد سوءاً، وهذا لا يبقي في الأفق سوى حل الانتقال إلى مكان بعيد أقل تلوثاً ليستطيع السكان الحفاظ على صحتهم وصحة عائلاتهم دون القلق حول نوعية الهواء الذي يتنفسونه.

بطبيعة الحال، لا يمكن لأي شخص تحمل تكاليف الانتقال إلى الخارج، وخاصة العمال ذوي الدخل المنخفض في المناطق الأكثر تضرراً من اندونيسيا، حيث أشارت إحدى البائعات المتجولات في مدينة بورنيو من بالانجكارايا، بأنه لا بد لها من البقاء في المدينة سواء أحبت ذلك أم لا، فرزقها هنا ولا يمكنها تركه، وهي بحاجة للحفاظ على وظيفتها لدفع الرسوم المدرسية لأطفالها، وذلك على الرغم من الآثار السلبية الكبيرة التي يمكن أن تصيب صحتها جراء العمل في الهواء الطلق.

الجدير بالذكر أن هناك 19 شخصاً على الأقل لاقو حتفهم في إندونيسيا من جراء الدخان، وهناك نصف مليون شخص آخرين يعانون من مشاكل في الجهاز التنفسي بسببه، ويعتقد (لويس فيرشو)، وهو عالم في مركز بحوث الغابات الدولية، بأن العدد الفعلي للأشخاص المتضررين من الدخان هو أعلى من ذلك بكثير، فخلال ورشة عمل تم القيام بها في منتصف شهر تشرين الأول، وجد هو وآخرون العديد من الغازات الضارة في الهواء وسط منطقة كاليمانتان في جزيرة بورنيو، بما في ذلك غاز الأوزون وأول أكسيد الكربون والسيانيد والأمونيا والفورمالديهايد وأكسيد النيتريك والميثان.

على الرغم من أن آثار الدخان على صحة الإنسان معروفة وموثقة جيداً -الصداع، الدوخة، التهاب الشعب الهوائية، التعب، الربو، الالتهاب الرئوي، وأمراض القلب والأوعية الدموية- إلّا أن آثار التعرض الطويل المدى، مثل الذي يعاني منه سكان كاليمانتان الوسطى، ما زال مجهولاً، ولكن تبعاً لـ(فيرشو)، نظراً لارتفاع مستويات الغازات السامة التي تم قياسها خلال ورشة العمل، يخشى الباحثون أن آثار حرائق قد تؤدي لحدوث حالات أسوأ بكثير مما كان متوقعاً.

أخيراً تجدر الإشارة إلى أن المسؤولون الإندونيسيون قد وعدوا باتخاذ إجراءات تحد من هذه الأزمة، ولكن مثل هذه الوعود فشلت حتى الآن في تحقيق النتائج سنة بعد أخرى.

View on moroccosports.net

أخبار ذات صلة

هزات أرضية متتالية تضرب الحسيمة والمناطق المحيطة بها
بريطانيا تستحدث إسلوب زراعي جديد لتعزيز المحاصيل خلال 2040
تقرير دولي يعلن انقراض أول ضحايا التغيرات المناخية
إنشاء مجلس دولي لحماية الأمن المناخي في مؤتمر الأمن…
"الغازات الدفيئة" تُهدد باقتراب "السٌّحب" من رؤوس البشر

اخر الاخبار

العثور على مصاحف وسط القمامة في المدينة المنورة و"الشؤون…
تفاصيل مُثيرة عن حقيقة اختطاف فتاة قاصر من مطار…
نهاية مأساوية لأخ حاول فضّ عراك بين شقيقه وشخص…
شاب يسلم نفسه إلى شرطة تطوان بعدما ذبح خليلته…

فن وموسيقى

ناهد السباعي ترفض قطعيًا أن تكون الزّوحة الثّانية
إليسا تعود لصديقاتها من جديد وتُمارس تمارينها الرياضية
الفنان أحمد عز يفتح صندوق أسراره وجديد أعماله
جمال سليمان يشيد بالترحيب بالسوريين المقيمين في مصر

أخبار النجوم

سُميَّة الخشاب تُقرِّر العودة إلى السينما بفيلم وسيناريو جديد
محمد الشرنوبي يتجاهل الحديث عن خطوبته من سارة الطباخ
طليقة وائل كفوري تستعرض جمالها وتكسر الحصار
حسن الرداد يُكشف كواليس مسلسه الرمضاني "الزوجة 18"

رياضة

اتهامات لإنفانتينو بخرق قواعد الحياد في فيفا بعد إشادته…
جائزة سلام الفيفا الأولى تشعل المنافسة بين أبرز الأسماء
يامال يرفض المقارنات بميسي ويركز على تحسين أداء الفريق
هالاند يحذر خصومه ويؤكد ما زلت أملك المزيد

صحة وتغذية

احذر إهمال ارتفاع ضغط الدم ولا تتجاهل علامات الوجه
دراسة تؤكد أن الرضاعة الطبيعية تقلل خطر الإصابة بـ"الربو"
بريطانيّة تُنقذ حياة ابنها بعد أن لاحظت إحمرارًا على…
لصقة من جلد الإنسان تحدث ثورة في علاج القلب

الأخبار الأكثر قراءة