الرئيسية » تحقيقات وأخبار بيئية
ضعف قدرات البنية التحتية في تونس

تونس ـ حياة الغانمي

أطل الضيف غير المرحب به وهو السيلان وأخذ كل ما اعترض طريقه. امتلأت الأنهج ولم تعد المجاري ترتفع لكميات المياه التي وقع تسجيلها فأصبحت تخرج ما بداخلها وصارت أشبه ما يكون بالنافورات التي ترفع الماء إلى الأعلى، وأمام هذا الوضع انسابت المياه إلى المنازل آتية على الأخضر واليابس.

عاش سكان عدد من المدن التونسية ليلة الخميس، حالة تأهب كبرى، نساء شمرن عن السواعد ورحن يخرجن المياه بالأوعية الكبيرة، ورجال سارعوا بوضع أكياس من الرمل أمام الأبواب معتقدين أن في ذلك حل يضمن لهم عدم دخول الماء إلى المنازل. لكن هيهات ما فعلوا فقد سبق السيف العذل وغمرت المياه القوية كل ما لذ لها وطاب، ولأن انسياب الماء كان بنسق سريع جدًا فإن أغلب السكان لم يتمكنوا من انقاذ أدباشهم مما تسبب لهم في خسائر فادحة.

وقالت السيدة رشيدة في هذا الخصوص: "الأمر ليس بالجديد فقد سبق وأن عشنا وضعًا مماثلَا في مرات عديدة، لقد تكبدت أضرارًا  كبيرة، إذ غمرت المياه الأغطية والأثاث وكل ما يوجد في البيت، ولعل المحير والمؤسف هو أن الماء الملوث الذي غمر منازلها كان مرفوقًا بالأوحال مما تسبب في إفساد كل شيء".

ومن جانبها أوضحت السيدة زهرة والتي هربت إلى منزل جارتها التي تقطن الطابق العلوي هي وصغارها فلم تتمكن من الدخول إلى منزلها أصلًا نظرًا لارتفاع المياه فيها، وأكدت في هذا الشأن: "كنت أحاول إنقاذ بعض الأدباش (أثاث البيت) ووضعها في مكان عالي عندما أطل علّي الماء الجارف. كان سريعًا ومخيفًا ولم يترك لنا المجال لإكمال مهامنا في إنقاذ الأثاث والملابس والأغطية، تركت كل شيء وهربت خوفًا من المياه الجارفة".

وحال العم الصادق ليس أفضل من حال زهرة ولا رشيدة،  إذ يقول إنه عاش ليلة عصيبة دون نوم ولا راحة. فالماء أتى على كل شيء ولم يبقي له شيئًا ليلقي عليه حتى جسده المنهك, ويوضح الصادق: "لم أستطع مغادرة منزلي حتى وهو ممتلئ ماء. كنت أنظر إليه وهو يمتلأ بمياه ملوثة بالأوحال دون أن أتمكن من فعل شيء ..شعرت بألم كبير وبأوجاع عظيمة تنتابني".

ولعل ما أحس به هذا الرجل هو ما شعر به كل السكان الذين غمرت المياه منازلهم وأضرت بأثاثهم وأغطيتهم وملابسهم وبكل شيء، وقد أوجد عادل الحل فبعد أن رأى ما حل بالأحياء القريبة منه بنى حائطًا أمام باب منزله وقام بتجفيفه بواسطة مجفف شعر ليتجنب ما قد يحل به من معاناة، ولعل المؤسف أن بعض السكان لم يتمكنوا من الوصول إلى منازلهم ولا يعلمون ماذا حل بها ، فأعوان الحماية المدنية منعتهم من المرور لتفادي المخاطر التي قد تلحق بهم.

وأفادنا مسؤول في الحماية المدنية أن كميات المياه التي فاقت طاقة استيعاب سد جومين انهمرت إلى الخارج وتسببت في الفيضانات المسجلة، وقال أن أغلب الأحياء تضررت، وأضاف الرائد أنه حتى المستشفيات لم تسلم من الضرر وقد غمرتها المياه أيضًا مما حدا بهم إلى إجلاء المرضى ونقلهم هم والموظفين إلى مستشفيات آمنة، وأكد أنه لم يتم تسجيل حالات وفاة نتيجة الفيضانات، ولأن هناك مناطق عزلت فقد تم إدخال الخبز إلى بعض الأحياء التي عجز سكانها عن التنقل عن طريق أعوان الحماية المدنية.

الامطار من غيث نافع إلى غول مرعب
وتتحول الأمطار في تونس كل سنة إلى غول مرعب للعديد من التونسيين، فهي غزيرة وتنزل بسرعة قياسية وبكميات كبيرة في وقت وجيز، ولهذا لا بد أن تنساب بسرعة نحو المجاري الطبيعية ونحو المنخفضات والبحار حتى لا تغمر المناطق الحضرية. لكن ما يحصل هو أنها تخلف أثارًا ومخاطر ترعب التونسيين، ولابد من الإشارة إلى أن عددًا من الأحياء الجديدة والتي هي في طور النمو والتكوّن وهي التي كانت أراضي فلاحية ليس بوسعها الآن أن تنتفع بخدمات تصريف المياه نظرًا لان عددًا من الشبكات لم تصل إلى المرحلة الأخيرة كما أن الأشكال حسب العديد من التجمعات السكنية لها مدة زمنية منذ إنشائها مجهزة بقنوات التصريف.

 وانسياب مياه الأمطار بالشكل المطلوب يتطلب وجود بالوعات وقنوات صرف جاهزة لاستيعاب كميات كبرى من المياه في وقت وجيز، وهو ما لا يتوفر اليوم في أغلب البالوعات والقنوات في كامل أرجاء البلاد، ويعمد البعض  إلى ربط أسطح المنازل بشبكات المياه المستعملة مما يعطّل وظيفتها ويجعلها تحمل أكثر من طاقتها ويحدث ذلك عندما لا يجد المواطن من الناحية الهيكلية قنوات لتصريف مياه الأمطار، كما أن آخرين يلقون بالفضلات والنفايات وسط القنوات المفتوحة أصلا لمياه الأمطار كما أن ترك الفضلات في الشوارع والأرصفة يتسبب في تسربها إلى الشبكة عند نزول الأمطار وهو ما يعطل عملية تصريف المياه المستعملة، وتلك مسائل في غاية الأهمية لابد للمواطن أن يعي أن القنوات ليست مصبّا للفضلات كما أن مجاري الأودية يجب أن تبقى في منأى عن كل تلك التصرفات حتى تكون مؤهلة لإنجاز المطلوب منها.

وعلى الرغم من التأكيدات على  أن الجهد الموجه إلى حملات جهر الأودية ورفع الفضلات يضاعف كلفة الصيانة ويأخذ الكثير من الاعتمادات المخصصة، لتدعيم الشبكة وإحداث التحسينات عليها، إلا أن المواطن يظل باستمرار يشتكي من خدمات التطهير، وغالبا ما يتدخل الجيش الوطني لإجلاء المواطنين ونقلهم من مكان إلى آخر بسبب الفيضانات. وتخصص الوحدات العسكرية حافلات لنقل المواطنين و التلاميذ الذين علقوا جراء ارتفاع منسوب المياه. ويشار أن عددًا من الولايات التونسية شهدت هطول أمطار غزيرة تسببت في تعليق الدروس و تعطل حركة المرور .

 

View on moroccosports.net

أخبار ذات صلة

علماء يابانيون يحاولون زراعة الأعضاء البشرية في الفئران ونقلها…
ثعابين "ماكِرة" تتبع "تكتيكات الموت" للهروب من مفترسيها
"نهر النيل" يفتقد "زخّات الأمطار" ومصر تسعى لمعاقبة زُرّاع…
133 مليون نحلة تهرب من شاحنة في مونتانا الأميركية
باحثون سعوديون يبتكرون "أغشية مسامية" لتنقية المياه شديدة التلوث

اخر الاخبار

العثور على مصاحف وسط القمامة في المدينة المنورة و"الشؤون…
تفاصيل مُثيرة عن حقيقة اختطاف فتاة قاصر من مطار…
نهاية مأساوية لأخ حاول فضّ عراك بين شقيقه وشخص…
شاب يسلم نفسه إلى شرطة تطوان بعدما ذبح خليلته…

فن وموسيقى

ناهد السباعي ترفض قطعيًا أن تكون الزّوحة الثّانية
إليسا تعود لصديقاتها من جديد وتُمارس تمارينها الرياضية
الفنان أحمد عز يفتح صندوق أسراره وجديد أعماله
جمال سليمان يشيد بالترحيب بالسوريين المقيمين في مصر

أخبار النجوم

سُميَّة الخشاب تُقرِّر العودة إلى السينما بفيلم وسيناريو جديد
محمد الشرنوبي يتجاهل الحديث عن خطوبته من سارة الطباخ
طليقة وائل كفوري تستعرض جمالها وتكسر الحصار
حسن الرداد يُكشف كواليس مسلسه الرمضاني "الزوجة 18"

رياضة

رونالدو يوضح مقصده من كلمة "قريباً" حول نهاية مسيرته
اتهامات لإنفانتينو بخرق قواعد الحياد في فيفا بعد إشادته…
جائزة سلام الفيفا الأولى تشعل المنافسة بين أبرز الأسماء
يامال يرفض المقارنات بميسي ويركز على تحسين أداء الفريق

صحة وتغذية

احذر إهمال ارتفاع ضغط الدم ولا تتجاهل علامات الوجه
دراسة تؤكد أن الرضاعة الطبيعية تقلل خطر الإصابة بـ"الربو"
بريطانيّة تُنقذ حياة ابنها بعد أن لاحظت إحمرارًا على…
لصقة من جلد الإنسان تحدث ثورة في علاج القلب

الأخبار الأكثر قراءة